مكان إمارتهم بقسنطينة بعد أن أخذ عليهم الموثق في شأن أبيه بمثل موثق ابن عمّهم فجاءوا على أثر نبيل مولاهم ودخلوا البلد واحتل أبو زيد منها بمكان إمارته وسلطان قدمه كما قبل رحلتهم إلى المغرب.
ولم يزل الأمير أبو عبد الله ينازل بجاية إلى أن بيّتها بعض ليالي رمضان من سنته بمداخلة بعض الأشياع من رجالها داخلهم مولاه وكافله فارح في ذلك، فسرّب فيهم الأموال وواعدوه للبيات، وفتحوا له باب البرّ من أبوابها واقتحمه وفاجأهم هدير الطبول فهبّ السلطان من نومه وخرج من قصره فتسنّم الجبل المطلّ عليها وتسرّب في شعابه إلى أن وضح الصباح وظهر عليه فجيء به إلى ابن أخيه فمنّ عليه واستبقاه، وأركبه السفينة إلى بلد بونة في شوّال من سنة تسع وأربعين وسبعمائة ووجد بعض الأعياص من قرابته قد ثاروا بها، وهو محمد بن عبد الواحد من ولد أبي بكر ابن الأمير أبي زكريا الأكبر كان هو وأخوه عمر بالحضرة، وكان لعمر منها النظر على القرابة. فلما كان هذا الاضطراب لحقوا بالفضل وتركهم ببونة عند سفره إلى بجاية، فحدّثتهم أنفسهم بالانتزاء فلم يتم لهم أمر. وثارت بهم الحاشية والعامّة فقتلوا لوقتهم ووافى الفضل إلى بونة وقد انجلت غيمتهم ومحيت آثارهم فدخل إلى قصره وألقى عصا تسياره، واستقل الأمير أبو عبد الله ابن الأمير أبي زكريا ببجاية محلّ إمارة أبيه الأمير أبي زيد ابن الأمير أبي عبد الله بقسنطينة محلّ إمارة أبيه، والأمير أبو العباس الفضل ببونة محلّ إمارته منذ عهد الأمر والسلطان أبو الحسن بتونس إلى أن كان من أمرهم ما نذكره إن شاء الله تعالى.
(الخبر عن حركة الفضل الى تونس بعد رحيل السلطان أبي الحسن الى المغرب)
كان العرب بعد ما قدمنا من طاعتهم وإسلامهم سلطانهم إلى أبي دبّوس قد انفضّوا عن السلطان أبي الحسن وأجلبوا عليه ثانية، وتولّى كبر ذلك قتيبة بن حمزة، وخالف إلى السلطان أخوه خالد مع أولاد مهلهل وافترق أمرهم. وخرج كبيرهم عمر ابن حمزة حاجّا فاستقدم قتيبة وأصحابه الأمير الفضل من مكان إمارته ببونة لطلب حقّه واسترجاع ملك آبائه فأجابهم ووصل إلى أحيائهم آخر سنة تسع وأربعين