للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على خبره فانفضّ جمعهم وأفرجوا عن القصبة. وركب السلطان أسطوله من سوسة، ونزل بتونس آخر جمادى واعتمل في إصلاح أسوارها وإدارة الخندق عليها، وأقام لها من الامتناع والتحصين رسما ثبت له من بعده، ودفع به في نحر عدوّه.

واستقلّ من نكبة القيروان وعثرتها، وخلص من هوّتها والله يفعل ما يشاء.

ولحق أولاد أبي الليل وسلطانهم أحمد بن أبي دبّوس بتونس، فأحاطوا بالسلطان واستبلغوا في حصاره، وخلصت ولاية أولاد مهلهل للسلطان، فعوّل عليهم ثم راجع بنو حمزة رأيهم في طاعة السلطان فدخل كبيرهم عمر إليه في شعبان، وتقبّضوا على سلطانهم أحمد بن أبي دبّوس وقادوه إلى السلطان استبلاغا في الطاعة، وامحاضا للولاية فتقبّل فيئتهم، وأودع ابن أبي دبّوس السجن، وأصهر إلى عمر بابنه أبي الفضل، فعقد له على بنته، واختلفت أحوالهم في الطاعة والانحراف إلى أن كان ما نذكر. والله غالب على أمره.

[(الخبر عن انتقاض الثغور الغربية ورجوعها إلى دعوة الموحدين)]

كان المولى الفضل ابن مولانا السلطان أبي يحيى، لمّا قدم على السلطان أبي الحسن بتلمسان في زفاف شقيقته سنة سبع وأربعين وسبعمائة بعد ما اتصل به في طريقه مهلك أبيه، أوسع له السلطان كنفه، ومهّد له جانب كرامته وبرّه، وغمز له بوعد في المظاهرة على ملك أبيه تعزى به عن فقده. وارتحل السلطان إلى إفريقية. والمولى الفضل يرجو أن يجعل سلطانها إليه، حتى إذا استولى السلطان على الثغرين بجاية وقسنطينة، وارتحل إلى تونس، عقد له على مكان إمارته أيام أبيه ببونة، فصرفه إليه، فانقطع أمله وفسد ضميره وطوى على البث [١] حتى إذا كانت نكبة السلطان بالقيروان، سما إلى التوثّب على ملك سلفه. وكان أهل قسنطينة وبجاية قد برموا من الدولة، واستنقلوا وطأة الإيالة لما اعتادوا من الملك الرفيق [٢] ، فأشرأبّوا إلى الثورة


[١] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى النث. ونثّ الخبر أفشاه. وبثّ الخبر اذاعه ونشره.
والأصح البث بمعنى أشدّ الحزن أو الحزن الشديد (قاموس) وقد مرّت معنا هذه الكلمة في مواضع كثيرة من هذا الكتاب.
[٢] وفي نسخة ثانية: لما اعتادوا من الملكة الرقيقة

<<  <  ج: ص:  >  >>