للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيعة للخليفة بمصر ثم مقتله بالحديثة وغانة على يد التتر والبيعة للآخر الّذي استقرّت الخلافة في عقبه بمصر

لما قتل الخليفة عبد الله المستعصم ببغداد بقي رسم الخلافة الإسلامية عطلا بأقطار الأرض والظاهر متشوّف إلى تجديده وعمارة دسته ووصل إلى مصر سنة تسع وخمسين عمّ المستعصم وهو أبو العباس أحمد بن الظاهر كان بقصورهم ببغداد وخلص يوم البيعة وأقام يتردّد في الأحياء إلى أن لحق بمصر فسرّ الظاهر بقدومه وركب للقائه ودعا الناس على طبقاتهم إلى أبواب السلطان بالقلعة وأفرد بالمجلس أدبا معه وحضر القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز فحكم باتصال نسبه بالشجرة الكريمة بشهادة العرب الواصلين به والخدم الناجعين من قصورهم ثم بايع له الظاهر والناس على طبقاتهم وكتب إلى النواحي بأخذ البيعة له والخطبة على المنابر ونقش اسمه في السكة ولقب المستنصر وأشهد هو حينئذ الملأ بتفويض الأمر للظاهر والخروج له عن العهد وكتب بذلك سجله وأنشأه فخر الدين بن لقمان كاتب الترسيل ثم ركب السلطان والناس كافة إلى خيمة بنيت خارج المدينة فقرئ التقليد على الناس وخلع على أهل المراتب والخواص ونادى السلطان بمظاهرته وإعادته إلى دار خلافته ثم خطب هذا الخليفة يوم الجمعة وخشع في منبره فأبكى الناس وصلى وانصرفوا إلى منازلهم ووصل على أثره الصالح إسماعيل بن لؤلؤ صاحب الموصل وأخوه إسحاق صاحب الجزيرة وقد كان أبوهما لؤلؤ استخدم لهلاكو كما مرّ وأقره على الموصل وما إليها وتوفي سنة سبع وخمسين وقد ولي ابنه إسماعيل على الموصل وابنه إسماعيل المجاهد على جزيرة ابن عمر وابنه السعيد على سنجار وأقرّهم هلاكو على أعمالهم ولحق السعيد بالناصر صاحب دمشق وسار معه إلى مصر وصار مع قطز وولاه حلب كما مرّ ثم اعتقل ثم ارتاب هلاكو بالأخوين فأجفلا ولحقا بمصر وبالغ الظاهر في إكرامهم وسألوه في إطلاق أخيهم المعتقل فأطلقه وكتب لهم بالولاية على أعمالهم وأعطاهم الألوية وشرع في تجهيز الخليفة إلى كرسيه ببغداد فاستخدم له العساكر وأقام له الفساطيط والخيام ورتب له الوظائف وأزاح علل الجميع يقال أنفق في تلك النوبة نحوا من ألف ألف دينار ثم سار من مصر في شوّال من السنة إلى دمشق ليبعث من هناك الخليفة وابني لؤلؤ إلى ممالكهم ووصل إلى دمشق ونزل بالقلعة وبعث بليان الرشيديّ وشمس الدين سنقر إلى الفرات وصمم الخليفة لقصده وفارقهم وسار الصالح إسماعيل وأخواه إلى الموصل وبلغ الخبر إلى هلاكو فجرد العساكر إلى الخليفة وكبسوه بغانة والحديثة فصابرهم قليلا ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>