للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مقتل يحكم]

كان أبو عبد الله البريدي بعد هربه إلى البصرة من واسط أنفذ جيشا إلى المدار، فبعث إلى لقائهم جيشا من واسط عليهم توزون انتخب له الكرة، فظفر بجيش ابن البريدي ولقي يحكم خبره في الطريق فسرّ بذلك، وذهب يتصيّد فبلغ نهر جور، وعثر في طريقه ببعض الأكراد فشره [١] لغزوهم، وقصدهم في خفّ من أصحابه وهربوا بين يديه وهو يرشقهم بسهامه، وجاءه غلام منهم من خلفه فطعنه فقتله. واختلف عسكره فمضى الديلم فكانوا ألفا وخمسمائة إلى ابن البريدي، وقد كان عزم على الهرب من البصرة، فبعث لقدومهم وضاعف أرزاقهم وأدرّها عليهم، وذهب الأتراك إلى واسط وأطلقوا بكتيك [٢] من حبسه وولّوه عليهم، فسار بهم إلى بغداد في خدمة المتقي وحصر ما كان في دار يحكم من الأموال والدواوين فكانت ألف ألف ومائة ألف دينار ومدّة إمارته سنتان وثمانية أشهر.

[امارة البريدي ببغداد وعوده إلى واسط]

لما قتل يحكم قدّم الديلم عليهم بكشوار بن ملك بن مسافر [٣] ومسافر هو ابن سلا وصاحب الطرم الّذي ملك ولده بعده أذربيجان، وقاتلهم الأتراك فقتلوه، فقدّم الديلم عليهم مكانه كورتين منهم. وقدّم الأتراك عليهم بكتيك مولى يحكم، وانحدر الديلم إلى أبي عبد الله بن البريدي فقوي بهم، وأصعدوا إلى واسط. وأرسل المتّقي إليهم مائة وخمسين ألف دينار على أن يرجعوا عنها. ثم قسّم في الأتراك في أجناد بغداد أربعمائة ألف دينار من مال يحكم. وقدّم عليهم سلامة الطولوني وبرز بهم المتّقي إلى نهر دبالي [٤] آخر شعبان سنة ست وعشرين. وسار ابن البريدي من واسط فأشفق أتراك يحكم، ولحق بعضهم بابن البريدي، وسار آخرون إلى الموصل منهم توزون وجحجح. واختفى سلامة الطولوني. وأبو عبد الله الكوفيّ، ودخل أبو عبد الله البريدي بغداد أوّل رمضان ونزل بالشفيعي ولقيه الوزير أبو الحسين بن ميمون


[١] الأصح: شرهت نفسه لغزوهم.
[٢] تكينك: ابن الأثير ج ٨ ص ٣٧١.
[٣] بلسواز بن مالك بن مسافر المرجع السابق ص ٣٧٢ وفي تجارب الأمم بلسوار.
[٤] نهر ديالى: ابن الأثير ج ٨ ص ٣٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>