للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أمر المطوعة]

ولما كثر الهرج ببغداد وامتدّت أيدي الدعاوي [١] باذاية الناس في أموالهم وأفشى المناكير فيهم وتعذر ذلك، فخرجوا إلى القرى فانتهبوها. «واستعدى الناس أهل الأمر فلم يغدوا عليهم فتمشّى الصلحاء من عمل ريظ وكل بينهم ورأوا أنهم في كل درب قليلون بالنسبة إلى خيارهم فاعتزموا على مدافعتهم واشتدّ خالد المدريوش من أهل، بغداد فدعا جيرانه وأهل محلته إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير أن يغيروا على السلطان. فشدّ على من كان عندهم من أدعار وحبسهم ورفعهم إلى السلطان وتعدّى ذلك إلى غير محلته. ثم قام بعده سهل بن سلامة الأنصاري من الحريشيّة من أهل خراسان ويكنّى أبا حاتم فدعا إلى مثل ذلك وإلى العمل بالكتاب والسنة وعلق في عنقه مصحفا وعبر على العامّة وعلى أهل الدولة فبايعوه على ذلك وعلى قتال من خالف» . [٢] وبلغ خبرهما إلى منصور بن المهدي وعيسى بن محمد بن أبي خالد فنكروا ذلك لأنّ أكثر الدعّار كانوا يشايعونهم على أمرهم، فدخلوا بغداد بعد أن عقد عليه الصلح مع الحسن بن سهل على الأمان له ولأهل بغداد، وانتظروا كتاب المأمون ورضي أهل البلد بذلك، فسهل عليهم أمر المدريوش وسهل.


[١] وفي الكامل ج ٦ ص ٣٢٤: وفي هذه السنة (٢٠١) تجردت المتطوعة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان سبب ذلك ان فسّاق بغداد والشطّار آذوا الناس أذى شديدا، وأظهروا الفسق، وقطعوا الطريق وأخذوا النساء والصبيان علانية ... »
[٢] العبارات بين القوسين مبهمة والأسماء محوّرة، وفي الكامل ج ٦ ص ٣٢٥: فلما رأى الناس ذلك قام صلحاء كل ربض ودرب، ومشى بعضهم إلى بعض، وقالوا: إنّما في الدرب الفاسق والفاسقان إلى العشرة، وأنتم أكثر منهم، فلو اجتمعتم لقمعتم هؤلاء الفسّاق، ولعجزوا عن الّذي يفعلونه، فقام رجل يقال له خالد الدريوش، فدعا جيرانه وأهل محلّته، على ان يعاونوه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفأجابوه إلى ذلك، فشد على من يليه من الفسّاق وحبسهم، ورفعهم إلى السلطان إلا أنه كان لا يرى ان يغيّر على السلطان شيئا. ثم قام بعده رجل من الحربيّة يقال له سهل بن سلامة الأنصاري من أهل خراسان ويكنّى أبا حاتم، فدعا الناس إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعمل بالكتاب والسنّة، وعلّق مصحفا في عنقه، وأمر أهل محلّته ونهاهم، فقبلوا منه، ودعا الناس جميعا، الشريف والوضيع من بني هاشم وغيرهم، فأتاه خلق عظيم فبايعوه على ذلك، وعلى القتال معه لمن خالفه، وطاف ببغداد وأسواقها، وكان قيام سهل لأربع خلون من رمضان، وقيام الدريوش قبله بيومين أو ثلاثة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>