إلى الناصر فاعتقله بقلعة حلب حتى سار إلى التتر فلما دخل إليها سار اليرلي مع العساكر إلى مصر فأكرمه المظفر وولاه الآن على السواحل وغزة وأقام المظفر بدمشق عشرين ليلة وأقبل إلى مصر ولما بلغ إلى هلاكو ما وقع بقومه في الشام واستيلاء الترك عليه اتهم صاحب دمشق بأنه خدعه في إشارته وقتله كما مرّ وانقرض ملك بني أيوب من الشام أجمع وصار لملوك مصر من الترك والله يرث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
[مقتل المظفر وولاية الظاهر بيبرس]
كان البحرية من حين مقتل أميرهم أقطاي الجامدار يتحينون لأخذ ثاره وكان قطز هو الّذي تولى قتله فكان مستريبا بهم ولما سار إلى التتر ذهل كل منهم عن شأنه وجاء البحرية من القفر هاربين من المغيث صاحب الكرك فوثقوا لأنفسهم من السلطان قطز أحوج ما كان إلى أمثالهم من المدافعة عن الإسلام وأهله فأمنهم واشتمل عليهم وشهدوا معه واقعة التتر على عين جالوت وأبلغوا فيها والمقدّمون فيهم يومئذ بيبرس البندقداري وأنز الأصبهاني وبليان الرشيديّ وبكتون الجوكنداري وبند وغار التركي فلما انهزم التتر من الشام واستولوا عليه وحسر ذلك المد وأفرج عن الخائفين الروع عاد هؤلاء البحرية إلى ديدنهم من الترصد لثار أقطاي فلما قفل قطز من دمشق سنة ثمان وخمسين أجمعوا أن يبرزوا به في طريقهم فلما قارب مصر ذهب في بعض أيامه يتصيد وسارت الرواحل على الطريق فاتبعوه وتقدّم إليه أنز شفيعا في بعض أصحابه فشفعه فأهوى يقبل يده فأمسكها وعلاه بيبرس بالسيف فخرّ صريعا لليدين والفم ورشقه الآخرون بالسهام فقتلوه وتبادروا إلى المخيم وقام دون فارس الدين اقطاي على ابن المعز أيبك وسأل من تولى قتله منكم فقالوا بيبرس فبايع له وأتبعه أهل المعسكر ولقبوه الظاهر وبعثوا أيدمر الحلي بالخبر إلى القلعة بمصر فأخذ له البيعة على من هناك ووصل الظاهر منتصف ذي القعدة من السنة فجلس على كرسيه واستخلف الناس على طبقاتهم وكتب إلى الأقطار بذلك ورتب الوظائف وولى الأمراء وولى تاج الدين عبد الوهاب ابن بنت الأعز الوزارة مع القضاء واقتدى بآثار أستاذه الصالح نجم الدين ومبدأ أمر هذا الظاهر بيبرس أنه كان من موالي علاء الدين أيدكين البندقداري مولى الصالح فسخط عليه واعتقله وانتزع ماله ومواليه وكان منهم بيبرس فصيره مع الجامدارية وما زال يترقى في المراتب إلى أن تقدّم في الحروب ورياسة المراكب ثم كان خبره بعد الصالح ما قصصناه انتهى والله سبحانه وتعالى أعلم