الشام كتبغا من أكبر أمرائه في اثني عشر ألفا من العساكر وتقدّم إليه بمطالعة الأشرف إبراهيم بن شيركوه صاحب حمص بعد أن ولاه على مدينة دمشق وسائر مدن الشام واحتمل معه الناصر وابنه العزيز بعد أن استشاره في تجهيز العساكر بالشام لمدافعة أهل مصر عنها فهوّن عليه الأمر وقللهم في عينه فجهز كتبغا ومن معه ولما فصل سار كتبغا إلى قلعة دمشق وهي ممتنعة بعد فحاصرها وافتتحها عنوة وقتل نائبها بدر الدين بربدك وخيم بمرج دمشق وجاءه من ملوك الإفرنج بالساحل ووفد عليه الظاهر أخو الناصر صاحب صرخد فردّه إلى عمله وأوفد عليه المغيث صاحب الكرك ابنه العزيز بطاعته فقبله وردّه إلى أبيه واجتمعت عساكر مصر واحتشد المظفر العرب والتركمان وبعث إليهم بالعطايا وأزاح العلل وبعث كتبغا إلى المظفر قطز بأن يقيم طاعة هلاكو بمصر فضرب أعناق الرسل ونهض إلى الشام مصمما للقاء العدوّ ومعه المنصور صاحب حماة وأخوه الأفضل وزحف كتبغا وعساكر التتر ومعه الأشرف صاحب حمص والسعيد صاحب الضبينة ابن العزيز بن العادل وبعث إليهما قطز يستميلهما فوعده الأشرف بالانهزام يوم اللقاء وأساء العزيز الردّ على رسوله وأوقع به والتقى الفريقان بالغور على عين جالوت وتحيز الأشرف عند ما تناشبوا فانهزم التتر وقتل أميرهم كتبغا في المعركة وجيء بالسعيد صاحب الضبينة أسيرا فوبخه ثم قتله وجيء بالعزيز بن المغيث وأسر يومئذ [١] الّذي ملك مصر بعد ذلك ولقي العادل بيبرس المنهزمين في عسكر من الترك فأثخن فيهم وانتهى إلى حمص فلقي مددا من التتر جاء لكتبغا فاستأصلهم ورجع إليه الأشرف صاحب حمص من عسكر التتر فأقرّه على بلده وبعث المنصور على بلده حماة وأقرّه عليها وردّ إليه المعرّة وانتزع منه سليمة فأقطعها لأمير العرب مهنا بن مانع بن جديلة وسار إلى دمشق فهرب من كان بها من التتر وقتل من وجد بها من بقاياهم ورتب العساكر في البلاد وولى على دمشق علم الدين سنجر الحلي الصالحي وهو الّذي كان أتابك علي بن أيبك ونجم الدين أبا الهيجاء ابن خشترين الكردي وولى على حلب السعيد ويقال المظفر علاء الدين بن لؤلؤ صاحب الموصل وكان وصل إلى الناصر بمصر هاربا أمام التتر وسار معه فلما دخل الناصر منها لحق هو بمصر وأحسن إليه قطز ثم ولاه الناصر على حلب الآن ليتوصل إلى أخبار التتر من أخيه الصالح بالموصل وولى على نابلس وغزة والسواحل شمس الدين دانشير اليرلي من أمراء العزيز محمد وهو أبو الناصر وكان هرب منه عند نهوضه إلى مصر في جماعة من العزيزية ولحق بأتابك ثم ارتاب بهم وقبض على بعضهم ورجع اليرلي في الباقين
[١] بياض بالأصل: ويظهر من الفصول اللاحقة أنه الظاهر بيبرس لأنه هو الّذي ملك مصر بعد ذلك.