للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيت المقدس سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة وهدم الكنيسة التي بنواحيها [١] ، وانفضّت أمم النصرانية من كل جهة واعترضوا أسطول صلاح الدين في البحر فبعث صريخه إلى المنصور سنة خمس وثمانين وخمسمائة يطلب إعانته بالأساطيل لمنازلة عكّا وصور وطرابلس. ووفد عليه أبو الحرث عبد الرحمن بن منقذ بقيّة أمراء شيزر من حصون الشام، كانوا أشروا به عند اختلال الدولة العبيدية. فلمّا استقام الأمر على يد صلاح الدين، وانتظم ملك مصر والشام واستنزل بني منقذ هؤلاء ورعى لهم سابقتهم، وبعثه في هذه إلى المنصور بالمغرب بهديّة تشتمل على مصحفين كريمين منسوبين، ومائة درهم من دهن البلسان، وعشرين رطلا من العود، وستمائة مثقال من المسك والعنبر، وخمسين قوسا عربية بأوتارها، وعشرين من النصول الهندية وسروج عدّة ثقيلة. ووصل إلى المغرب ووجد المنصور بالأندلس فانتظره بفاس إلى حين وصوله، فلقيه وأدى الرسالة فاعتذر له عن الأسطول وانصرف. ويقال إنه جهّز له بعد ذلك مائة وثمانين أسطولا، ومنع النصارى من سواحل الشام، والله تعالى أعلم.

[(دولة الناصر بن المنصور)]

لما هلك المنصور وأمر ابنه محمد وليّ عهده، وتلقّب الناصر لدين الله، واستوزر أبا زيد بن يوجان وهو ابن أخي الشيخ أبي حفص. ثم استوزر أبا محمد ابن الشيخ أبي حفص، وعقد للسيد أبي الحسن ابن السيد أبي حفص على بجاية، وفوّض إليه في شئونها. وبلغه سنة ست وتسعين وخمسمائة إجحاف العدوّ بإفريقية، وفساد الأعراب في نواحيها، ورجوع السيد أبي الحسن من قسنطينة منهزما أمام ابن غانية، فأنفذ السيد أبا زيد بن أبي حفص إلى تونس في عسكر من الموحّدين لسدّ ثغورها. وأنفذ أبا سعيد ابن الشيخ أبي حفص فتغلّب ابن غانية خلال ذلك على حصن المهديّة. وثار بالسوس سنة ثمان وتسعين وخمسمائة ثائر من كزولة يعرف بأبي


[١] وفي نسخة أخرى: بنوها عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>