فاستباحوها واستلبوهم وأخرجوهم من بين ظهرانيهم عراة، فلحقوا بالمغرب وطيّروا الخبر إلى المولى الفضل، واستحثّوه للقدوم، فقدم عليهم وعقد على قسنطينة وبونة لمن استكفى به من خاصّته ورجالات دولته، واحتل بجاية لشهر ربيع من سنته.
وأعاد ملك سلفه. واستوسق أمره بهذه الثغور إلى أن كان من خبره مع السلطان بعد خروجه من بجاية ما نذكره ان شاء الله.
[الخبر عن انتزاء أولاد السلطان بالمغرب الأوسط والأقصى ثم استقلال أبي عنان بملك المغرب]
لما اتصل خبر النكبة بالقيروان بالأمير أبي عنان ابن السلطان، وكان صاحب تلمسان والمغرب الأوسط، وتساقط إليه الفلّ من عسكر أبيه عراة زرافات ووحدانا، وأرجف الناس بمهلك السلطان بالقيروان، فتطاول الأمير أبو عنّان للاستئثار بسلطان أبيه دون الأبناء، لما كان له من الإيثار عند أبيه لصيانته وعفافه، واستظهاره القرآن، فكان محلا بعين أبيه لأمثالها. وكان عثمان بن يحيى بن جرار من مشيخة بني عبد الواد وأولاد يندوكسن [١] بن طاع الله منهم، وكان له محل من الدولة كما ذكرناه عند أخباره، وكان السلطان أذن له في الرجوع إلى المغرب، فرجع من معسكره بالمهدية، ونزل بزاوية العبّاد من تلمسان، وكان مسمتا وقورا، جهينة خبر ممتعا في حديثه، وكان مرجما فيه الوقوف على الحدثان. وكان الأمير أبو عنّان متشوّقا إلى خبر أبيه، ففزع إلى عثمان بن جرار في تعرفها. واستدعاه وأنس به، وكان في قلبه مرض من السلطان، فأودع إذن الأمير أبي عنّان ما أراد من الأماني بتورّط السلطان في المهلكة، وبشرّه بمصير الأمر إليه، فصادف منه إذنا واعية. واشتمل عليه ابن جرار من بعدها. وردّ الخبر بنكبة السلطان فأغراه ابن جرار بالتوثّب على الملك، وسوّل له الاستئثار به من دون إخوانه يقينا بمهلك السلطان. ثم أوهمه الصدق بإرجاف الناس بموت السلطان، فاعتزم وشحذ عزيمته في ذلك ما اتصل به من حافد السلطان منصور ابن الأمير أبي مالك صاحب فاس وأعمال المغرب من الانتزاء على عمله، وأنه فتح ديوان العطاء واستلحق واستركب لغيبة بني مرين عن