على التعبية وكمشيقا بعساكر حلب في ميمنة السلطان ومنطاش قد عبى جيشه وجعل السلطان أمير حاجي والخليفة والقضاة والرماة من ورائهم ووقف معهم تمارتمر رأس نوبة وسندمر بن يعقوب شاه أمير سلاح ووقف هو في طائفة من مماليكه وأصحابه في حومة المعترك فلما تراءى الجمعان حمل هو وأصحابه على ميمنة السلطان ففضوها وانهزم كمشيقا الى حلب ومرّوا في اتباعه ثم عطفوا على مخيم السلطان فنهبوه وأسروا قجماش ابن عمه كان هناك جريحا ثم حطم السلطان على الّذي فيه أمير حاجي والخليفة والقضاة فدخلوا في حكمه ووكل بهم واختلط الفريقان وصاروا في عمى من أمرهم والسلطان في لمة من فرسانه يخترق جوانب المعترك ويحطم الفرسان ويشردهم في كل ناحية وشرّاد مماليكه وأمرائه يتساقطون اليه حتى كثف جمعه ثم حمل على بقية العسكر وهم ملتئمون على الصفدي فهزمهم ولحقوا بدمشق وضرب خيامه بشقحب ولما وصل منطاش الى دمشق أوهم النائب جنتمر أنّ الغلب له وأنّ السلطان أمير حاجي على الأثر ونادى في العساكر بالخروج في السلاح لتلقيه وخرج من الغد موريا بذلك فركب اليهم السلطان في العساكر فهزمهم وأثخن فيهم واستلحم كثيرا من عامّة دمشق ورجع السلطان الى خيامه وبعث أمير حاجي بالتبري من الملك والعجز عنه والخروج اليه من عهدته فأحضر الخليفة والقضاة فشهدوا عليه بالخلع وعلى الخليفة بالتفويض الى السلطان والبيعة له والعود الى كرسيه وأقام السلطان بشقحب تسعا واشتدّ كلب البرد وافتقدت الأقوات لقلة الميرة فأجمع العود الى مصر ورحل يقصدها وبلغ الخبر الى منطاش فركب لاتباعه فلما أطلّ عليه أحجم ورجع واستمرّ السلطان لقصده وقدم حاجب غزة للقبض على ابن باكيش فقبض عليه ولما وافى السلطان غزة ولى عليها مكانه وحمله معتقلا وسار وهو مستطلع أحوال مصر حتى كان ما نذكره ان شاء الله تعالى.
ثورة بكا والمعتقلين بالقلعة واستيلاؤهم عليها بدعوة السلطان الظاهر وعوده الى كرسيه بمصر وانتظام أمره
كان منطاش لما فصل الى الشام بسلطانه وعساكره كما مرّ واستخلف على القاهرة دواداره سراي تمر وأنزله بالاصطبل وعلى القلعة بكا الاشرفي ووكله بالمعتقلين هنالك فأخذوا أنفسهم بالحزم والشدّة وبعد أيام نمي اليهم أنّ جماعة من مماليك السلطان مجتمعون للثورة وقد داخلوا مماليكهم فبيتوهم وقبضوا عليهم بعد جولة دافع فيها المماليك عن أنفسهم ثم تقبضوا على من داخلهم من مماليكهم وكانوا جماعة كثيرة وحدثت لهم بذلك رتبة واشتداد في الحزم فنادوا