للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكاسبهم وخيلهم [١] . واتصل به خبر مهلك ابن عبد العزيز وولاية أبي محمد بن تافراكين الحجابة فنكر ذلك لما كان يظنّ أنّ السلطان لا يعدل بها عنه. وكان يرشح له كاتبه أبا القاسم وازار [٢] ، ويرى أنّ ابن عبد العزيز قبله لم يتميز بها إيثارا عليه، فبدا له ما لم يحتسبه فظنّ الظنون وجمع أصحابه، وأغذّ السير إلى الحضرة وقد آمر السلطان أبا محمد بن تافراكين في نكبته وأعدّ البطانة للقبض عليه. وقدم على الحضرة منتصف ربيع من سنة أربع وأربعين وجلس له السلطان جلوسا فخما فعرض عليه هديّته من المقرّبات والرقيق والأنعام، حتى إذا انفضّ المجلس وشيّع السلطان وزراؤه وانتهى إلى بابه أشار إلى البطانة فلحقوا به ونقلوه إلى محبسه [٣] . وبسط عليه العذاب لاستخراج الأموال فأخرجها من مكان احتجانها وحصل منها في مودع السلطان أربعمائة ألف من الذهب العين أو مثالها أو ما يقاربها قيمة من الجوهر والعقار إلى أن استصفى. ولما افتك عظمه ونفد ماله خنق بمحبسه في رجب من سنته وذهب مثلا في الأيام. وغرب ولده مع أمّه إلى المشرق، وطوح بهم الاغتراب إلى أن هلك منهم من هلك، وراجع الحضرة علي وعبيد منهم في آخرين من أصاغرهم بعد أيام وأحوال والله يحكم لا معقب لحكمه.

[(الخبر عن شان الجريد واستكمال فتحه وولاية أحمد بن مكي على جزيرة جربة)]

كان أمر الجريد قد صار إلى الشورى منذ شغلت الدولة بمطالبة زناتة بني عبد الواد وما نالها لذلك من الاضطراب، واستبدّ مشيخة كل بلد بأمره، ثم انفرد واحد منهم بالرياسة، وكان محمد بن بهلول من مشيخة توزر هم القائم فيها والمستبد بأمرها كما سنذكره. ولما نزعت الدولة إلى الاستبداد وأرهف السلطان حدّه للثّوار وعفى على آثار المشيخة بقفصة وعقد لابنه الأمير أبي العبّاس على قسطيلية. ونزل بقفصة فأقام بها


[١] وفي نسخة أخرى: حليهم.
[٢] وفي نسخة أخرى: أبا القاسم بن واران.
[٣] وفي نسخة أخرى: فأحدقوا به وتلّوه الى محبسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>