للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمد في حجر الدولة وجوّ عنايتها وأصهر عبد الله منهما إلى أبي يعقوب بن زذوتين شيخ الدولة في ابنته فعقد عليها. وأصهر من بعده أخوه أحمد بن أبي محمد بن يعمور في ابنته فعقد له أيضا عليها، واستخلص أبو ضربة بن اللحياني كبيرها أبا محمد عبد الله وآثره بصحبته، فلم يزل معه إلى أن كانت الواقعة عليه بمصوح، وتقبّض على كثير من الموحدين فكان في جملتهم. ومن عليه السلطان أبو بكر ورقّاه في رتب عنايته إلى أن ولّاه الوزارة بعد الشيخ أبي محمد بن القاسم. ثم قدّمه شيخا على الموحّدين بعد مهلك شيخهم أبي عمر بن عثمان سنة اثنتين وأربعين وبعثه إلى ملك المغرب مع ابنه الأمير أبي زكريا صاحب بجاية صريخا على بني عبد الواد فجلّى في خدمة السلطان وعرض سفارته. وتوجّه للإيثار بعدها إليه. واختصّ بالسفارة إلى ملك المغرب سائر أيامه. وغصّ الحاجب ابن سيّد الناس بمكانه، وهمّ بمكروهه فكبح السلطان عنانة عنه، ويقال إنه أفضى إليه بذات صدره من نكبته. ولما انقسمت خطط الدولة من الحرب والتدبير ومخالصة السلطان وتنفيذ أوامره بين ابن عبد العزيز الحاجب وابن الحكيم القائد. كان له هو القدح المعلى في المشورة والتدبير، وكانوا يرجعون إليه ويعوّلون على رأيه، وكان ثالث أثافيهم ومصقلة آرائهم.

ولما هلك ابن عبد العزيز، وكان السلطان قد أضمر نكبة ابن الحكيم، لما كان يتعاطاه من الاستبداد ويحتجنه من أموال السلطان، وأسرّ الحاجب ابن عبد العزيز إلى السلطان زعموا بين يدي مهلكه بالتحذير من ابن الحكيم وسوء دخلته، وأنه فاوضه أيام نزول العرب عليه بساح تونس سنة اثنتين وأربعين كما قدّمناه في الادالة من السلطان ببعض الأعياص من بني أبي دبوس، كانوا معتقلين بالحضرة، ألقاها الغدر على لسانه ضجرا من قعود السلطان عن الخروج بنفسه إلى العرب وسآمة ما هو فيه من الحصار واعتدّها عليه ابن عبد العزيز حتى ألقاها إلى السلطان عند موته، وبريء منها إليه فأودعها إذنا واعية وكان حتف ابن الحكيم فيها. ولمّا هلك وولي شيخ الموحدين أبو محمد بن تافراكين فاوضه في نكبة ابن الحكيم، وكان يتربّض به لما كان بينهما من المنافسة.

وكان ابن الحكيم غائبا عن الحضرة في تدويخ القاصية، وقد نزل جبل أوراس فاقتحمه واقتضى مغارمه وتوغّل في أرض الزاب واستوفى جباية من عامله يوسف بن منصور، وتقدّم إلى ريغة ونازل تغرت وافتتحها، وامتلأت أيدي العساكر من

<<  <  ج: ص:  >  >>