وخمسمائة إلى أن فتحوا مراكش، فكان عبد المؤمن يستخلفه عليها أيام مغيبه عنها على الإمارة والصلاة. ولما ثار بمراكش عبد العزيز وعيسى ابنا أومغار أخو الإمام المهدي سنة إحدى وخمسين كان مغيبه عنها على أوّل ثورتهم أن اعترضوا عمر بن تافراكين عند ندائه بالصلاة فقتلوه، وفضحهم الصبح فاستلحمهم العامّة، ثم كان ابنه عبد الله بن عمر من بعده من رجالات الموحّدين ومشيختهم. ولما عقد الخليفة يوسف بن عبد المؤمن على قرطبة لأخيه السيّد أبي إسحاق أنزله معه عبد الله بن عمر ابن تافراكين للمشورة مع جماعة من الموحدين كان منهم يوسف بن وانودين، وكان عبد الله المقدّم فيهم وجاء ابنه عمر من بعده مشتغلا بمذهبه مرموقا بتجلته [١] . ولمّا ولي السيد أبو سعيد بن عمر بن عبد المؤمن على إفريقية ولّاه قابس وأعمالها إلى أن استنزله عنها يحيى بن غانية سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة.
ثم كان منهم بعد ذلك عظماء في الدولة وكبراء من المشيخة آخرهم عبد العزيز بن تافراكين، خالف الموحّدين بمراكش لما نقضوا بيعة المأمون، فاغتالوه في طريقه إلى المسجد عند الآذان للصبح، بما كان محافظا على شهود الجماعات. ورعاها له المأمون في أخيه عبد الحق وبنيه أحمد ومحمد وعمر فلما استلحم الموحّدون وعمهم الجزع ارتحل عبد الحق موريا بالحج ونزل على السلطان المستنصر فأنزله بمكانه من الحضرة وسرّحه بعض الأحايين إلى الحامة لحسم الداء فيها. وقد كان توقّع الخلاف من مشيختها فحسن غناؤه فيها، وقتل أهل الخلاف وحسم العلل، وولّاه السلطان أبو إسحاق على بجاية بعد مقتل محمد بن أبي هلال فاضطلع بها. ولما ولي الدعيّ ابن عمارة أنه سرّحه في عسكر من الموحّدين لقهر العرب وكفّ عداوتهم فأثخن فيهم ما شاء. ولم يزل معروفا بالرياسة مرموقا بالتجلة إلى أن هلك. وكان بنو أخيه عبد العزيز وهم: أحمد ومحمد وعمر جاءوا على أثره من المغرب فنزلوا بالحضرة خير منزل، وغذوا بلبان النعمة والجاه فيها. وكان أحمد كبيرهم، وولّاه السلطان أبو حفص على قفصه ثم على المهدية، ثم استعفى من الولاية فعوفي.
وكان السلطان أبو عصيدة يستخلفه على الحضرة إذا أخرج منها على ما كان لأوّله إلى أن هلك الأوّل المائة الثامنة سنة ثلاث. ونشأ ابناه أبو محمد عبد الله وأبو العبّاس