(الخبر عن أبي قرّة وما كان لقومه من الملك بتلمسان ومبدإ ذلك ومصائره)
كان من بني يفرن بالمغرب الأوسط بطون كثيرة بنواحي تلمسان إلى جبل بني راشد المعروف بهم لهذا العهد، وهم الذين اختطّوا تلمسان كما نذكره في أخبارها. وكان رئيسهم لعهد انتقال الخلافة من بني أمية إلى بني العباس أبو قرّة ولا نعرف من نسبه أكثر من أنّه منهم. ولما انتقض البرابرة بالمغرب الأقصى وقام ميسرة وقومه بدعوة الخارجيّة وقتله البرابرة قدّموا على أنفسهم مكانه خالد بن حميد من زناتة، فكان من حروبه مع كلثوم بن عيّاض وقتله إياه ما هو معروف. ورأس على زناتة من بعده أبو قرّة هذا.
ولما استأثلت [١] دولة بني أمية كثرت الخارجيّة في البربر، وملك ورفجومة القيروان، وهوّارة وزناتة طرابلس ومكناسة سجلماسة، وابن رستم تاهرت. وقدم ابن الأشعث إفريقية من قبل أبي جعفر المنصور. وخافه البربر فحسم العلل وسكّن الحروب. ثم انتقض بنو يفرن بنواحي تلمسان ودعوا إلى الخارجيّة، وبايعوا أبا قرّة كبيرهم بالخلافة سنة ثمان وأربعين ومائة، وسرّح إليهم ابن الأشعث الأغلب بن سوادة التميمي فانتهى إلى الزاب وفرّ أبو قرّة إلى المغرب الأقصى، ثم راجع موطنه بعد رجوع الأغلب.
(ولما انتقض) البرابرة على عمر بن حفص بن أبي صفرة الملقّب هزارمرد عام خمسين ومائة وحاصروه بطبنة كان فيمن حاصره أبو قرّة اليفرني في أربعين ألفا صفرية من قومه وغيرهم حتى اشتدّ عليه الحصار، وداخل أبا قرّة في الإفراج عنه على يد ابنه على أن يعطيه أربعين ألفا، ولابنه أربعة آلاف، فارتحل بقومه وانفضّ البرابرة عن طبنة. ثم حاصروه بعد ذلك بالقيروان واجتمعوا عليه وأبو قرّة معهم بثلاثمائة وخمسين ألفا، الخيالة منها خمسة وثمانون ألفا. وهلك عمر بن حفص في ذلك الحصار.
وقدم يزيد بن حاتم واليا على إفريقية ففضّ جموعهم وفرّق كلمتهم، ولحق أبو قرّة