للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرشيد هارون سنة خمس وثمانين ومائة فاضطلع بأمر هذه الولاية، وأحسن السيرة وقوّم القتاد ورأب الصدع وجمع الكلمة. ورضيت الكافة واستقل بولايتها غير منازع ولا متشوه، وتوارثها بنوه خالفا عن سالف.

وكانت لهم بإفريقية والمغرب الدولة التي ذكرناها من قبل إلى أن انقرض أمر العرب بإفريقية على زيادة الله عاقبتهم الفارّ إلى المشرق أمام كتامة سنة ست وتسعين ومائتين كما نذكره. وخرج كتامة على بني الأغلب بدعوة الرافضية. قام فيهم أبو عبد الله المحتسب الشيعي داعية عبيد الله المهدي، فكان ذلك آخر عهد بالملك والدولة بإفريقية. واستقل كتامة بالأمر من يومئذ، ثم من بعدهم من برابرة المغرب. وذهبت ريح العرب ودولتهم من المغرب وإفريقية، فلم يكن لهم بعد دولة إلى هذا العهد.

وصار الملك للبربر وقبائلهم يتداولونه طائفة بعد أخرى وجيلا بعد آخر، تارة يدعون إلى الأمويين الخلفاء بالأندلس، وتارة إلى الهاشميين من بني العباس وبني الحسن.

ثم استقلوا بالدعوة لأنفسهم آخرا حسبما نذكر ذلك كله مفصلا عند ما يعرض لنا من ذكر دول زناتة والبربر الذين نحن في سياقة أخبارهم.

[(البرابرة البتر) (الخبر عن البرابرة البتر وشعوبهم ونبدأ منهم أولا بذكر نفوسة وتصاريف أحوالهم)]

كان مادغيس الأبتر جد البرابرة البتر، وكان ابنه زحيك ومنه تشعبت بطونهم. فكان له من الولد فيما يذكر نسابة البربر أربعة. نفوس وأداس وضرا ولوا، فأما أداس فصار في هوارة لما يقال إن هوارة خلف أباه زحيك على أمه قبل فصاله فانتسب إليه واختلط بولده، واندرجت بطون أداس في هوارة كما ذكرناه. وأما ضرا ولوا فسنأتي بذكر بطونهم واحدا واحدا. وأما نفوس فهم بطن واحد تنسب إليه نفوسة كلها. وكانوا من أوسع قبائل البربر فيهم شعوب كثيرة مثل بني زمور وبني مكسور [١] وماطوسة.

وكانت مواطن جمهورهم بجهات طرابلس وما إليها، وهناك الجبل المعروف بهم.


[١] وفي النسخة التونسية: مسكور وكذلك في قبائل المغرب/ ٣٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>