فقتلوه سنة ثلاث وخمسين. وملك عليهم الشريف ثم عجز وهرب عنهم. واستولى علي بن مهدي عليها في رجب سنة أربع وخمسين، ومات لثلاثة أشهر من ولايته.
وكان يخطب له بالإمام المهدي أمير المؤمنين. وقامع الكفرة والملحدين، وكان على رأي الخوارج يتبرأ من علي وعثمان ويكفر بالذنوب، وله قواعد وقواميس في مذهبه يطول ذكرها. وكان يقتل على شرب الخمر. قال عمارة: كان يقتل من خالفه من أهل القبلة، ويبيح نساءهم وأولادهم، وكانوا يعتقدون فيه العصمة، وكانت أموالهم تحت يده ينفقها عليهم في مؤنهم ولا يملكون معه مالا ولا فرسا ولا سلاحا.
وكان يقتل المنهزم من أصحابه ويقتل الزاني وشارب الخمر وسامع الغناء، ويقتل من تأخر عن صلاة الجماعة ومن تأخر عن وعظه يوم الإثنين والخميس. وكان حنفيا في الفروع. ولما توفي تولى بعده ابنه عبد النبي، وخرج من زبيد واستولى على اليمن أجمع، وبه يومئذ خمس وعشرون دولة فاستولى على جميعها ولم يبق له سوى عدن ففرض عليها الجزية. ولما دخل شمس الدولة تور شاه بن أيوب أخو صلاح الدين سنة ست وستين وخمسمائة، واستولى على الدولة التي كانت باليمن، فقبض على عبد النبي وامتحنه وأخذ منه أموالا عظيمة، وحمله إلى عدن فاستولى عليها. ثم نزل زبيد واتخذها كرسيا لملكه. ثم استوخمها وسار في الخيال ومعه الأطباء يتخير مكانا صحيح الهواء ليتخذ فيه سكناه، فوقع اختيارهم على مكان تعز، فاختط به المدينة ونزلها.
وبقيت كرسيا لملكه وبنيه ومواليهم بني رسول كما نذكر في أخبارهم. وبانقراض دولة بني المهدي انقرض ملك العرب من اليمن وصار للغز ومواليهم.
[(قواعد اليمن)]
(ولنذكر الآن) طرفا من الكلام على قواعد اليمن ومدته واحدة واحدة كما أشار إليه ابن سعيد (اليمن) من جزيرة العرب يشتمل على كراسي سبعة للملك تهامة والجبال، وفي تهامة مملكتان: مملكة زبيد ومملكة عدن. ومعنى تهامة ما انخفض من بلاد اليمن مع ساحل البحر من البرين من جهة الحجاز إلى آخر أعمال عدن دورة