والبحرين وبلاد فارس والسند وكرمان وخراسان، أمم لا يأخذها الحصر والضبط، قد كاثروا أمم الأرض لهذا العهد شرقا وغربا، واعتزوا عليهم فهم اليوم أكثر أهل العالم وأملك لأمرهم من جميع الأمم. ولما كانت لغتهم مستعجمة على اللسان المضري الّذي نزل به القرآن، وهو لسان سلفهم، سميناهم لذلك العرب المستعجمة فهذه أجيال العرب منذ مبدإ الخليفة ولهذا العهد في أربع طبقات متعاقبة، كان لكل طبقة منها عصور وأجيال ودول وأحياء وقعت العناية بها دون من سواهم من الأمم لكثرة أجيالهم واتساع النطاق من ملكهم. فلنذكر لكل طبقة أحوال جيلها وبعض أيامهم ودولهم، ومن كان عهدهم من ملوك الأمم ودولهم، ليتبين لك بذلك مراتب الأجيال في الخليقة كيف تعاقبت والله سبحانه وتعالى وليّ العون.
[برنامج بما تضمنه الكتاب من الدول في هذه الطبقات الأربع على ترتيبها والدول المعاصرين من العجم في كل طبقة منها]
فنبدأ أوّلًا بذكر الطبقة الأولى وهم العرب العاربة ونذكر أنسابهم ومواطنهم وما كان لهم من الملك والدولة. ثم الطبقة الثانية وهم العرب المستعربة من بني حمير بن سبا ونذكر أنسابهم وما كان لهم من الملك باليمن في التبابعة وأعقابهم. ثم نرجع إلى ذكر معاصرهم من العجم وهم ملوك بابل من السريانيّين ثم ملوك الموصل ونينوى من الجرامقة ثم القبط وملوكهم بمصر، ثم بني إسرائيل ودولهم ببيت المقدس قبل تخريب بخت نصّر وبعده وبالصابئة، ثم الفرس ودولهم الأولى والثانية، ثم يونان ودولهم الإسكندر وقومه، ثم الروم ودولهم في القياصرة وغيرهم.
ثم نرجع إلى ذكر الطبقة الثالثة وهم العرب التابعة للعرب من قضاعة وقحطان وعدنان وشعبيها العظيمين ربيعة ومضر. فنبدأ بقضاعة وأنسابهم وما كان لهم من الملك البدوي في آل النعمان بالحيرة والعراق ومن زاحمهم فيها من ملوك كندة بني حجر آكل المرار. ثم ما كان لهم أيضا من الملك البدوي بالشام في بني جفنة بالبلقاء والأوس والخزرج بالمدينة النبويّة. ثم عدنان وأنسابهم وما كان لهم من الملك بمكة في قريش ثم ما شرفهم الله به وجيل الآدميين أجمع من النبوّة، وذكر الهجرة والسير النبويّة، ثم نذكر ما أكرمهم الله به من الخلافة والملك فنترجم للخلفاء الأربعة وما كان على عصرهم من الردّة والفتوحات والفتن. ثم نذكر خلفاء الإسلام من بني أمية