للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الخبر عن استيلاء السلطان أبي الحسن على افريقية ومهلك الأمير أبي حفص وانتقال الأبناء من بجاية وقسنطينة الى المغرب وما تخلل ذلك من الاحداث)

كان السلطان أبو الحسن يحدّث نفسه منذ ملك تلمسان وقبلها بملك إفريقية، ويتربّص بالسلطان أبي بكر ويسرّ له حسدا في ارتقاء [١] ، فلما لحق به حاجبه أبو محمد بن تافراكين بعد مهلكه رغبه في سلطانها واستحثّه بالقدوم عليها، وجدّد له الجوار [٢] فتنبهت لذلك عزائمه. ثم وصل الخبر بمهلك وليّ العهد وأخويه وخبر الواقعة، فأحفظه لذلك بما كان من رضاه بعهده، وخطه بالوفاق على ذلك بيده في سجله. وذلك أنّ حاجب الأمير أبي العبّاس وهو أبو القاسم بن عتو من مشيخة الموحّدين كان سفر عن السلطان لآخر أيامه إلى السلطان أبي الحسن بهدية. وحمل سجل العهد فوقف عليه السلطان أبو الحسن، وسأل منه إمضاء لمولاه وكتب ذلك بخطه في سجله، فخطّه بيمينه وأحكم له عقده. فلما بلغه مهلك وليّ العهد تعلّل بأنّ النقض أتى على ما أحكمه فأجمع غزو إفريقية ومن بها، فعسكر بظاهر تلمسان، وفرّق الأعطيات، وأزاح العلل. ثم رحل في صفر من سنة ثمان وأربعين وسبعمائة يجرّ الدنيا بما حملت. وأوفد عليه أبناء حمزة بن عمر أمراء البدو بإفريقية، ورجالات الدنيا بما حملت. وأوفد عليه أبناء حمزة بن عمر أمراء البدو بإفريقية، ورجالات الكعوب أخاهم خالدا يستصرخه لثأر أخيهم أبي الهول الهالك يوم الواقعة فأجابهم.

ونزع إليهم أيضا أهل القاصية من إفريقية بطاعتهم فجاءوا في وفد واحد مع ابن مكي صاحب قابس وابن يملول صاحب توزر وابن العابد صاحب قفصة ومولاهم ابن أبي عنّان صاحب الحامة وابن الخلف صاحب نفطة، فلقوه بوهران وآتوه بيعتهم رغبة ورهبة. وأدّوا بيعة ابن ثابت صاحب طرابلس، ولم يتخلّف عنهم إلا من بعد داره. ثم جاء من بعدهم وعلى أثرهم صاحب الزاب يوسف بن منصور بن مزني ومعه مشيخة الموحدين الزواودة، وكبيرهم يعقوب بن علي فلقيه بنو حسن من أعمال بجاية


[١] وفي نسخة ثانية: ويسرّ له حسوا في ارتغاء.
[٢] وفي نسخة ثانية: وحرّك له الحوار.

<<  <  ج: ص:  >  >>