ما لا يوصف. وقدمت سنة تسع وسبعين ومائتين فدخل بها، وتمتع بجمالها وآدابها، وتمكّن سلطانه في مصر والشام والجزيرة إلى أن هلك.
[(مقتل خمارويه وولاية ابنه جيش)]
كان خمارويه قد سار سنة اثنتين وثمانين ومائتين إلى دمشق فأقام بها أياما، وسعى إليه بعض أهل بيته بأنّ جواريه يتّخذون الخصيان يفترشوهنّ، وأراد استعلام ذلك من بعضهنّ، فكتب إلى نائبة بمصر أن يقرّر بعضهنّ، فلما وصله الكتاب قرّر بعض الجواري وضربهنّ. وخاف الخصيان ورجع خمارويه من الشام، وبات في مخدعه فأتاه بعضهم وذبحه على فراشه في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين. وهرب الذين تولّوا ذلك، فاجتمع القوّاد صبيحة ذلك اليوم، وأجلسوا ابنه جيش بن خمارويه على كرسي سلطانه، وأفيض العطاء فيهم، وسيق الخدم الذين تولّوا قتل خمارويه فقتل منهم نيف وعشرون.
[(مقتل جيش بن خمارويه وولاية أخيه هارون)]
ولما ولي جيش كان صبيا غرّا فعكف على لذّاته وقرّب الأحداث والسّفلة، وتنكر لكبار الدولة، وبسط فيهم القول، وصرّح لهم بالوعيد، فأجمعوا على خلعه. وكان طغج بن جف مولى أبيه كبار الدولة، وكان عاملا لهم على دمشق فانتقض وخلع طاعته. وسار آخرون من القوّاد إلى بغداد، منهم إسحاق بن كنداج وخاقان المعلجي، وبدر بن جف أبو طغج، وقدموا على المعتضد فخلع عليهم، وأقام سائر القوّاد بمصر على انتقاضهم وقتل قائدا منهم. ثم وثبوا بجيش فقتلوه ونهبوا داره، ونهبوا مصر وحرقوه، وبايعوا لأخيه هارون وذلك لتسعة أشهر من ولايته.
[(فتنة طرسوس وانتقاضها)]
قد تقدّم لنا أن راغبا مولى الموفّق نزل طرسوس للجهاد فأقام بها، ثم غلب عليها بعد ابن عجيف. ولما ولي هارون بن خمارويه سنة ثلاث وثمانين ومائتين ترك الدعاء له،