للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدخلها في رجب سنة خمس وعشرين وسبعمائة واستمكن منها، وعقد على باجة لمحمد بن داود من مشيخة الموحدين وثار عليه في بعض ليالي رمضان بعض بطانة السلطان كانوا بالبلد في غيابات الاختفاء، وكان منهم يوسف بن عامر بن عثمان، وهو ابن أخي عبد الحق بن عثمان من أعياص بني مرين، وفيهم القائد بلاط من وجوه الترك المرتزقة بالحضرة، وابن حسّان [١] نقيب الشرفاء فاعتدّوا واجتمعوا من جوف الليل وهتفوا بدعوة السلطان وطافوا بالقصبة فامتنعت عليهم، فعمدوا إلى دار كشلي من الترك المرتزقة، وكان بطانة لابن القالون فقاتلوها وامتنعت عليهم. ثم أعجلهم الصباح عن مرامهم وتتبعوا بالقتل، وفرغ من شأنهم، وكان موسى بن علي ومن معه من العساكر لمّا تخلّف عن ابن الشهيد لحصار قسنطينة أقام عليها أياما، ثم أقلع عنها لخمس عشرة ليلة من منازلته ورجع إلى صاحبه بتلمسان. وخرج السلطان من قسنطينة فاستكمل الحشد والتعبية، ونهض إلى تونس فأجفل منها ابن الشهيد وابن القالون، ودخلها السلطان في شوّال سنة خمس وعشرين وسبعمائة واستولى على دار ملكه، وأقام بها إلى أن كان من أمره ما نذكره إن شاء الله تعالى.

[(الخبر عن حصار بجاية وبناء تيمرزدكت وانهزام عساكر السلطان عنها)]

كان أبو تاشفين منذ خلاله الجوّ وتمكن في الأمر من القوم [٢] يلحّ على بجاية بترديد البعوث ومطاولة الحصار، والسلطان أبو بكر يدفع لحمايتها والممانعة دونها من رجالات دولته وعظماء وزرائه الأول، فالأوّل من أهل الكفاية والاضطلاع بما يدفع إليه من ذلك. وسرّب إليهم المدد من الأموال والأسلحة والجنود وتعهّد إليهم بالصبر والثبات في المواطن ونظراؤه من وراء ذلك. وكان أبو تاشفين كلما أحس من السلطان أبي بكر بنهوضه إلى المدافعة عنها، أو عزم على غزو كتائبه المجمّرة عليها رماه بشاغل يوهن من عزمه ويسكّن [٣] عنان بطشه. وكان فتنة ابن عمر من أدهى الشواغل في ذلك بما


[١] وفي نسخة أخرى: ابن جسّار.
[٢] وفي نسخة أخرى: وتمكنت في الأمر منه القدم
[٣] وفي نسخة أخرى: يمسك.

<<  <  ج: ص:  >  >>