وجموع منطاش في تزايد ثم انفض الناس عن الناصري عشية الأربعاء لسبعين يوما من دخول القلعة واقتحمها عليه منطاش ونهب بيوته وخزائنه وذهب الناصري حيران وأصحابه يرجعون عنه وباكر البيبقاوية مجلس منطاش من الغد فقبض عليهم وسيق من تخلف منهم عن الناصري أفذاذا وبعث بهم جميعا الى الاسكندرية وبعث جماعة ممن حبسهم الناصري الى قوص ودمياط ثم جدّد البيعة لأمير حاج المنصور ثم نادى في مماليك السلطان بالعرض وقبض على جماعة منهم وفرّ الباقون وبعث بالمحبوسين منهم الى قوص وصادر جماعة من أهل الأموال وأفرج عن محمود استاذدار وخلع عليه ليوليه في وظيفته ثم بدا له في أمره وعاود مصادرته وامتحانه واستصفى منه أموالا عظيمة يقال ستين قنطارا من الذهب ولما استقلّ بتدبير الدول عمر الوظائف والمراتب وولى فيها بنظره وبعث عن الاشقتمري من الشام وكان أخوه تمرتاي قد آخى بينهما فولاه النيابة الكبرى وعن استدمر بن يعقوب شاه فجعله أمير سلاح وعن انبقا الصفوي فولاه صاحب الحجاب واختص الثلاثة بالمشورة وأقامهم أركانا للدولة وكان إبراهيم بن بطلقتمر أمير جندار قد داخله في الثورة فرعى له ذلك وقدّمه في أمراء الألوف ثم بلغه أنه تفاوض مع الأمراء في الثورة به واستبداد السلطان فقبض عليه ثم أشخصه الى حلب على إمارته هناك وكان قد اختص ارغون السمندار وألقى عليه محبته وعنايته فغشيه الناس وباكروا بابه وعظم في الدولة صيته ثم نمي عنه أنه من المداخلين لإبراهيم أمير جندار فسطا به وامتحنه أن له على هؤلاء المداخلين لإبراهيم فلاذ بالإنكار وأقام في محبسه وأفرج عن سودون النائب فجاء الى مصر فألزمه بيته واستمرّ الحال على ذلك انتهى.
[ثورة بذلار بدمشق]
ولما بلغ الخبر الى بذلار بدمشق باستقلال منطاش بالدولة أنف من ذلك وارتاب وداخلته الغيرة جمع الانتقاض وكاتب نواب الممالك بالشام في حلب وغيرها يدعوهم الى الوفاق فأعرضوا عنه وتمسكوا بطاعتهم وكان الأمير الكبير بدمشق جنتمر أخوطاز يداخل الأمراء هناك في التوثب به وتوثق منهم للدولة وبلغ الخبر الى بذلار فركب في مماليكه وشيعته يروم القبض عليه فلم يتمكن من ذلك واجتمعوا وظاهرهم عامّة دمشق عليه فقاتلوه ساعة من نهار ثم أيقن بالغلب والهلكة فألقى بيده وقبضوا عليه وطيروا بالخبر الى منطاش وهو صاحب الدولة فأمر باعتقاله وهلك مريضا في محبسه وولى منطاش جنتمر نيابة دمشق واستقرّت الأحوال على ذلك والله تعالى يؤيد بنصره من يشاء من عباده