[الخبر عن الأوس والخزرج أبناء قيلة من هذه الطبقة ملوك يثرب دار الهجرة وذكر أوليتهم والإلمام بشأن نصرتهم وكيف انقراض أمرهم]
قد ذكرنا فيما تقدّم شأن يثرب وأنها من بناء يثرب بن فانية بن مهلهل بن إرم بن عبيل ابن عوص وعبيل أخوه عاد. وفيما ذكر السهيليّ: أن يثرب بن قائد بن عبيل بن مهلاييل بن عوص بن عمليق بن لاوذ بن إرم، وهذا أصح وأوجه. وقد ذكرنا كيف صار أمر هؤلاء لإخوانهم جاسم من الأمم العمالقة وأن ملكهم كان يسمّى الأرقم وكيف تغلب بنو إسرائيل عليه وقتلوه وملكوا الحجاز دونه كله من أيدي العمالقة، ويظهر من ذلك أنّ الحجاز لعهدهم كان آهلا بالعمران وجميع مياهه، يشهد بذلك أنّ داود عليه السلام لمّا خلع بنو إسرائيل طاعته وخرجوا عليه بابنه أشبوشت فرّ مع سبط يهوذا إلى خيبر وملك ابنه الشام وأقام هو وسبط يهوذا بخيبر سبع سنين في ملكه، حتى قتل ابنه وعاد إلى الشام. فيظهر من هذا أنّ عمرانه كان متصلا بيثرب ويجاوزها إلى خيبر. وقد ذكرنا هنالك كيف أقام من بني إسرائيل من أقام بالحجاز وكيف تبعتهم يهود خيبر وبنو قريظة.
قال المسعودي: وكانت الحجاز إذ ذاك أشجر بلاد الله وأكثرها ماء فنزلوا بلاد يثرب واتخذوا بها الأموال وبنوا الآطام [١] والمنازل في كل موطن، وملّكوا أمر أنفسهم، وانضافت إليهم قبائل من العرب نزلوا معهم واتخذوا الأطم والبيوت وأمرهم راجع إلى ملوك المقدس من عقب سليمان عليه السلام. قال شاعر بني نعيف:
ولو نطقت يوما قباء لخبّرت ... بأنّا نزلنا قبل عاد وتبّع
وآطامنا عادية مشمخرّة ... تلوح فتنعى من يعادي ويمنع
فلمّا خرج مزيقياء من اليمن وملك غسّان بالشام ثم هلك، وملك ابنه ثعلبة العنقاء ثم هلك ثعلبة العنقاء، وولي أمرهم بعد ثعلبة عمرو ابن أخيه جفنة سخط مكانه ابنه حارثة فأجمع الرحلة إلى يثرب، وأقام بنو جفنة بن عمرو ومن انضاف إليهم بالشام، ونزل حارثة يثرب على يهود خيبر وسألهم الحلف والجوار على الأمان والمنعة فأعطوه من