ولما توفي ركن الدولة ملك عضد الدولة بعده، وكان بختيار وابن بقيّة يكاتبان أصحاب القاصية مثل فخر الدولة أخيه وحسنويه الكرديّ وغيرهم للتظافر على عضد الدولة، فحرّكه ذلك لطلب العراق، فسار لذلك وانحدر بختيار إلى واسط لمدافعته، وأشار عليه ابن بقيّة بالتقدّم إلى الأهواز، واقتتلوا في ذي القعدة من سنة ست وستين وثلاثمائة ونزع بعض عساكر بختيار إلى عضد الدولة فانهزم بختيار ولحق بواسط، ونهب سواده ومخلفه، وبعث إليه ابن شاهين بأموال وسلاح وهاداه وأتحفه، فسار إليه إلى البطيحة وأصعد منها إلى واسط، واختلف أهل البصرة فمالت مضر إلى عضد الدولة وربيعة مع بختيار، صوبت [١] مضر عند انهزامه، وكاتبوا عضد الدولة فبعث إليهم عسكرا واستولوا على البصرة، وأقام بختيار بواسط، وقبض الوزير ابن بقيّة لاستبداده واحتجازه الأموال، وليرضى عضد الدولة بذلك.
وتردّدت الرسل بينهم في الصلح، وتردّد بختيار في إمضائه. ثم وصله ابنا حسنويه الكرديّ في ألف فارس مددا فاعتزم على محاربة عضد الدولة. ثم بدا له وسار إلى بغداد فأقام بها، ورجع ابنا حسنويه إلى أبيهما، وسار عضد الدولة إلى البصرة فأصلح بين ربيعة ومضر بعد اختلافهما مائة وعشرين سنة.
[(نكبة أبي الفتح بن العميد)]
كان عضد الدولة يحقد على أبي الفتح بن العميد مقامه عند بختيار ببغداد ومخالطته له، وما عقده معه من وزارته بعد ركن الدولة. وكان ابن العميد يكاتب بختيار بأحواله وأحوال أبيه، وكان لعضد الدولة عين على بختيار يكاتبه بذلك ويغريه.
فلمّا ملك عضد الدولة بعد أبيه كتب إلى أخيه فخر الدولة بالريّ بالقبض على ابن العميد وعلى أهله وأصحابه، واستصفيت أموالهم ومحيت آثارهم، وكان أبو
[١] هكذا بالأصل ومقتضى السياق. وقويت مضر عند انهزامه، والضمير عائد إلى بختيار.