للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأسه. وكان عبد الله بن يغمور المباشر لقتله، وكان خبره من المثلات. واستبدّ السلطان بملكه وتلقّب المستنصر باللَّه، وبادر الناس إلى الدخول في طاعته. وبعث أهل القاصية ببيعتهم من طرابلس وتلمسان وما بينهما. وعقد للشيخ أبي عبد الله الفازازي على عساكره على الحروب والضاحية، وأقطع البلاد والمغارم للعرب رعيا لذمّة قيامهم بأمره، ولم يكن لهم قبلها أقطاع، وكان الخلفاء قبله يتحامون عن ذلك لا يفتحون فيه على أنفسهم بابا، وأقام متمتعا في ماله وفي حضرته [١] إلى أن كان ما نذكر إن شاء الله تعالى.

(الخبر عن استيلاء العدو على جزيرة جربة وميورقة ومنازلته المهديّة واجلابه على السواحل)

كان من أعظم الحوادث، تكالب العدوّ في أيام هذا السلطان على الجزر البحريّة، فاستولت أساطيلهم على جزيرة جربة في رجب من سنة ثمان وثمانين وستمائة ورياستها يومئذ من محمد بن مهو بن شيخ الوهبيّة [٢] . ويخلف ابن امغار شيخ النكازة [٣] وهما فرقتا الخوارج. وزحف إليها المراكيا صاحب صقلّيّة نائبا عن الغدريك بن الريداكون ملك برشلونة في أساطيله البحرية وكانوا فيما قيل سبعين أسطولا من غربان وشواني، وضايقهم مرارا. ثم تغلّبوا عليها فانتهبوا أموالها وحملوا أهلها أسرا وسبيا.

فقيل إنهم بلغوا ثمانية آلاف بعد أن رموا بالرضّع في الجبوب [٤] ، فكانت هذه الواقعة من أشجى الوقائع للمسلمين. ثم بنوا بساحلها حصنا واعتمروه وشحنوه حامية وسلاحا. وفرض عليهم المغرم مائة ألف دينار كل سنة، وأقام على ذلك المراكيا إلى رأس المائة. وبقيت الجزيرة في ملك النصارى إلى أن عادوا إلى مالقة أواخر [٥] الأربعين والسبعمائة كما نذكره.


[١] وفي نسخة أخرى: واقام متحليا ملكه وادعا في حضرته.
[٢] وفي نسخة أخرى: محمد بن سمّون شيخ الوهبيّة.
[٣] وفي النسخة الباريسية: ويخلف بن أومغار شيخ النكارة.
[٤] يقتضي أن يقول: أجباب أو جباب أو جببه وهي جمع جب أي البئر العميقة (قاموس) .
[٥] وفي نسخة أخرى: إلى أن أعادها الله في أواخر الأربعين والسبعمائة.

<<  <  ج: ص:  >  >>