ولما استعفى موسى بن بغا من ولاية الناحية الشرقيّة عزم المعتمد على تجهيز أخيه أبي أحمد الموفق، فجلس في دار العامّة وأحضر الناس على طبقاتهم، وذلك في شوّال من سنة إحدى وستين وعقد لابنه جعفر العهد من بعده، ولقّبه المفوّض إلى الله، وضمّ إليه موسى بن بغا وولّاه إفريقية ومصر والشام والجزيرة والموصل وأرمينية وطريق خراسان ونهر تصدق، وعقد لأخيه أبي أحمد العهد بعده ولقّبه الناصر لدين الله الموفّق، وولّاه المشرق وبغداد وسواد الكوفة وطريق مكّة واليمن وكسكر وكور دجلة والأهواز وفارس وأصبهان والكرخ والدينور والريّ وزنجان والسند. وعقد لكل واحد منهما لواءين أبيض وأسود، وشرط أنه إن مات وجعفر لم يبلغ بتقدّم الموفق عليه، ويكون هو بعده وأخذت البيعة بذلك على الناس، وعقد جعفر لموسى بن بغا على أعمال العرب، واستوزر صاعد بن مخلد، ثم نكبه سنة اثنتين وسبعين، واستصفاه واستكتب مكانه الصّفر إسماعيل بن بابل، وأمر المعتمد أخاه الموفق بالمسير لحرب الزنج، فبعثه في مقدّمته واعتزم على المسير بعده.
[وقعة الصفار والموفق]
لما كان يعقوب الصفّار ملك فارس من يد واصل وخراسان من يد ابن طاهر وقبض عليه صرّح المعتمد بأنه لم يولّه ولا فعل ما فعل باذنه، وبعث ذلك مع حاج خراسان وطبرستان. ثم سار إلى الأهواز يريد لقاء المعتمد، وذلك سنة اثنتين وسبعين فأرسل إليه المعتمد إسماعيل بن إسحاق وفهواج [١] من قوّاد الأتراك ليردّوه على ذلك وبعث معهما من كان في حبسه من أصحابه الذين حبسوا عند ما قبض على محمد بن طاهر، وعاد إسماعيل من عند الصفّار بعزمه على الموصل، فتأخر الموفق لذلك عن المسير لحرب الزنج. ووصل مع إسماعيل من عند الصفّار حاجبه درهم يطلب ولاية طبرستان وخراسان وجرجان والريّ وفارس، والشرطة ببغداد، فولاه المعتمد ذلك كله مضافا إلى ما بيده من سجستان وكرمان، وأعاد حاجبه إليه بذلك ومعه عمر بن سيما فكتب يقول: لا بدّ من الحضور بباب المعتمد. وارتحل من عسكر مكرم حاما وسار إليه أبو