للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على القناة إلى تلمسان، فنصب بشرفات البلد، وعقد لعمر بن عثمان على جبل وانشريس وأعمال بني عبد القوي، ولسعيد العربيّ من مواليه على عمل المرية.

وزحف إلى الشرق فأغار على أحياء رياح وهم بوادي الجنان حيث الثنية المفضية من بلاد حمزة إلى القبلة، وصبح أحياءهم فاكتسح أموالهم ومضى في وجهه إلى بجاية، فعرس بساحتها ثلاثا وبها يومئذ الحاجب يعقوب بن عمر فامتنعت عليه، فظهر له وجه المعذرة لأوليائهم في استحصانها لهم. وقفل إلى تلمسان إلى أن كان من أمره ما نذكره إن شاء الله تعالى.

[الخبر عن حصار بجاية والفتنة الطويلة مع الموحدين التي كان فيها حتفه وذهاب سلطانه وانقراض الأمر عن قومه برهة من الدهر]

لما رجع السلطان أبو تاشفين من حصار بجاية سنة تسع عشرة وسبعمائة اعتمل في ترديد البعوث إلى قاصية الشرق، والإلحاح بالغزو إلى بلاد الموحّدين، فأغزاها جيوشه سنة عشرين وسبعمائة فدوّخوا ضواحي بجاية وقفلوا. ثم غزاهم ثانية سنة إحدى وعشرين وسبعمائة وعليهم موسى بن عليّ الكردي فانتهى إلى قسنطينة وحاصرها فامتنعت عليه فأفرج عنها، وابتنى حصن بكر لأوّل مضيق الوادي، وادي بجاية، وأنزل به العساكر لنظر يحيى بن موسى قائد شلف وقفل إلى تلمسان. ثم نهض موسى بن عليّ ثالثة سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة فدوّخ نواحي بجاية ونازلها أياما وامتنعت عليه فأفرج عنها. ووفد سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة على السلطان حمزة بن عمر بن أبي الليل كبير البدو بإفريقية صريخا على صاحب إفريقية مولانا السلطان أبي يحيى، فبعث معهم العساكر من زناتة وعامّتهم من بني توجين وبني راشد، وأمّر عليهم القواد وجعلهم لنظر قائده موسى بن علي الكردي، ففصلوا إلى إفريقية، وخرج السلطان للقائهم، فانهزموا بنواحي مرماجنّة، وتخطّفتهم الأيدي فاستلحموا، وقتل مسامح مولاه، ورجع موسى بن عليّ، فاتهمه السلطان بالادهان وكان من نكبته ما نذكره في أخباره وسرّح العساكر سنة أربع وعشرين وسبعمائة فدوّخت نواحي بجاية، ولقيهم ابن سيّد الناس فهزموهم، ونجا إلى البلد.

ووفد على السلطان سنة خمس وعشرين وسبعمائة مشيخة سليم حمزة بن عمر بن

<<  <  ج: ص:  >  >>