للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الدّاء لأنّه ما مضى يتأكد في الأعقاب إلى أن يذهب رسمها واعتبر ذلك في دولة بني أميّة كيف كانوا إنّما يستظهرون في حروبهم وولاية أعمالهم برجال العرب مثل عمرو بن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن زياد بن أبي سفيان والحجّاج بن يوسف والمهلّب بن أبي صفرة وخالد بن عبد الله القسريّ وابن هبيرة وموسى بن نصير وبلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعريّ ونصر بن سيّار وأمثالهم من رجالات العرب وكذا صدر من دولة بني العبّاس كان الاستظهار فيها أيضا برجالات العرب فلمّا صارت الدّولة للانفراد بالمجد وكبح العرب عن التّطاول للولايات صارت الوزارة للعجم والصّنائع من البرامكة وبني سهل بن نوبخت وبني طاهر ثمّ بني بويه وموالي التّرك مثل بغا ووصيف وأثلمش وباكناك وابن طولون وأبنائهم وغير هؤلاء من موالي العجم فتكون الدّولة لغير من مهّدها والعزّ لغير من اجتلبه سنّة الله في عباده والله تعالى أعلم.

[الفصل العشرون في أحوال الموالي والمصطنعين في الدول]

اعلم أنّ المصطنعين في الدّول يتفاوتون في الالتحام بصاحب الدّولة بتفاوت قديمهم وحديثهم في الالتحام بصاحبها والسّبب في ذلك أنّ المقصود في العصبيّة من المدافعة والمغالبة إنّما يتمّ بالنّسب لأجل التّناصر في ذوي الأرحام والقربى والتّخاذل في الأجانب والبعداء كما قدّمناه والولاية والمخالطة بالرّقّ أو بالحلف تتنزّل منزلة ذلك لأنّ أمر النّسب وإن كان طبيعيّا فإنّما هو وهميّ والمعنى الّذي كان به الالتحام إنّما هو العشرة والمدافعة وطول الممارسة والصّحبة بالمربى والرّضاع وسائر أحوال الموت والحياة وإذا حصل الالتحام بذلك جاءت النّعرة والتّناصر وهذا مشاهد بين النّاس واعتبر مثله في الاصطناع فإنّه يحدث بين المصطنع ومن اصطنعه نسبة خاصّة من الوصلة تتنزّل هذه المنزلة وتؤكّد اللحمة

<<  <  ج: ص:  >  >>