للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذّهب والفضّة معدّة لذلك فصارت قبور القبط منذ آلاف من السّنين مظنّة لوجود ذلك فيها. فلذلك عني أهل مصر بالبحث عن المطالب لوجود ذلك فيها واستخراجها. حتّى إنّهم حين ضربت المكوس على الأصناف آخر الدّولة ضربت على أهل المطالب. وصدرت ضريبة على من يشتغل بذلك من الحمقى والمهوّسين فوجد بذلك المتعاطون من أهل الأطماع الذّريعة إلى الكشف عنه والذّرع [١] باستخراجه وما حصلوا إلّا على الخيبة في جميع مساعيهم نعوذ باللَّه من الخسران فيحتاج من وقع له شيء [٢] من هذا الوسواس وابتلي به أن يتعوّذ باللَّه من العجز والكسل في طلب معاشه كما تعوّذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من ذلك وينصرف عن طرق الشّيطان ووسواسه ولا يشغل بالمحالات والمكاذب من الحكايات «وَالله يَرْزُقُ من يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ٢: ٢١٢» .

[الفصل الخامس في أن الجاه مفيد للمال]

وذلك أنّا نجد صاحب المال والحظوة في جميع أصناف المعاش أكثر يسارا وثروة من فاقد الجاه. والسّبب في ذلك أنّ صاحب الجاه مخدوم بالأعمال يتقرّب بها إليه في سبيل التّزلّف والحاجة إلى جاهه فالنّاس معينون له بأعمالهم في جميع حاجاته من ضروريّ أو حاجيّ أو كماليّ فتحصل قيم تلك الأعمال كلّها من كسبه وجميع معاشاته أن تبذل فيه الأعواض من العمل يستعمل فيها النّاس من غير عوض فتتوفّر قيم تلك الأعمال عليه. فهو بين قيم للأعمال يكتسبها وقيم أخرى تدعوه الضّرورة إلى إخراجها فتتوفّر عليه. والأعمال لصاحب الجاه كثيرة فتفيد الغنى لأقرب وقت ويزداد مع الأيّام يسارا وثروة. ولهذا المعنى كانت الإمارة أحد أسباب المعاش كما قدّمناه وفاقد الجاه بالكلّيّة ولو كان صاحب مال فلا


[١] وفي النسخة الباريسية: والزعم.
[٢] وفي النسخة الباريسية: من دفع إلى شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>