على أعيانهم وعلى مخلف فخر الملك بن عمار من أهله وولده وبعث بهم الى مصر وجاء فخر الملك بن عمار بعد أن قطع حبل الرجاء في يده من أنجاد السلجوقية لما كانوا فيه من الشغل بالفتنة وربما علله بعضهم بولاية الوزارة له ثم رجع الى دمشق سنة اثنتين وخمسمائة ونزل على طغتكين الاتابك ثم ملكها السرداني سنة ثلاث وخمسمائة بعد حصارها سبع سنين وجاء ابن صنحبيل من بلاد الافرنج فملكها منه وأقامت في مملكته نحوا من ثلاثين سنة ثم ثار عليه بعض الزعماء وقتله بطرس الأعور واستخلف في طرابلس القوش بطرار ثم كانت الواقعة بين صاحب القدس ملك الافرنج وبين زنكي الاتابك صاحب الموصل وانهزم الافرنج وأسر القوش في تلك الوقعة ونجا ملك الافرنج الى تغريب فتحصن بها وحضره زنكي حتى اصطلحا على أن يعطي تغريب ويطلق زنكي الأسرى في الواقعة فانطلق القوش إلى طرابلس فأقام بها مدّة ووثب الإسماعيلية به فقتلوه وولي بعده رهند صبيا وحضر مع الافرنج سنة سبع وخمسين وقعة حارم التي هزمهم فيها العادل وأسر رهند يومئذ وبقي في اعتقاله الى أن ملك صلاح الدين يوسف بن أيوب فاطلقه سنة سبعين وخمسمائة ولحق بطرابلس ولم تزل في ملكه وملك ولده الى أن فتحها المنصور سنة ثمان وثمانين كما مرّ والله تعالى أعلم.
[إنشاء المدرسة والمارستان بمصر]
كان المنصور قلاون قد اعتزم على إنشاء المارستان بالقاهرة ونظر له الأماكن حتى وقف نظره على الدار القطبية من قصور العبيديين وما يجاورها من القصرين واعتمد إنشاءه هنالك وجعل الدار أصل المارستان وبنى بإزائه مدرسة لتدريس العلم وقبة لدفنه وجعل النظر في ذلك لعلم الدين الشجاعي فقام بإنشاء ذلك لأقرب وقت وكملت العمارة سنة اثنتين وثمانين وستمائة ووقف عليها املاكا وضياعا بمصر والشام وجلس بالمارستان في يوم مشهود تناول قدحا من الأشربة الطبية وقال وقفت هذا المارستان على مثلي فمن دوني من أصناف الخلق فكان ذلك من صالح آثاره والله أعلم.
[وفاة المنصور قلاون وولاية ابنه خليل الأشرف]
كان المنصور قلاون قد عهد لابنه علاء الدين ولقبه الصالح وتوفي سنة سبع وثمانين فولى العهد مكانه ابنه الآخر خليل ثم انتقض الافرنج بعكا وأغاروا على النواحي ومرّت بهم رفقة من التجار برقيق من الروم والترك جلبوهم للسلطان فنهبوهم وأسروهم فأجمع السلطان