كان فيمن حضر عند السلطان ببغداد كما قدّمناه عثمان حق أمير التركمان صاحب قرمسيس وغيرها فأمره السلطان أن يسير في جموع التركمان للحجاز واليمن فيظهر أمرهم هناك وفوّض الى سعد الدولة كوهراس شحنة بغداد فولى عليهم أمير اسمه ترشك وسار الى الحجاز فاستولى عليه وأساء السيرة فيه حتى جاء أمير الحجاز محمد بن هاشم مستغيثا منهم ثم ساروا سنة خمس وثمانين الى اليمن وعاثوا في نواحيه وملكوا عدن وأساءوا السيرة في أهلها وأهلكوا ترشك سابع دخولها وأعاده أصحابه الى بغداد فدفنوه بها.
[(مقتل الوزير نظام الملك)]
ثم ارتحل السلطان ملك شاه الى بغداد سنة خمس وثمانين فانتهى الى أصبهان في رمضان وخرج نظام الملك من بيته بعد الإفطار عائدا الى خيمته فاعترضه بعض الباطنيّة في صورة متظلّم فلما استدناه لسماع شكواه طعنه بخنجر فأشواه وعثر الباطني في أطناب الخيام ودخل نظام الملك الخيمة فمات لثلاثين سنة من وزارته واهتاج عسكره فركب اليه السلطان وسكن الناس ويقال أن السلطان ملك شاه وضع الباطني على قتله لما وقع منه ومن بنيه من الدالة والتحكم في الدولة وقد كان السلطان دس على ابنه جمال الدين من قتله سنة خمس وسبعين كان بعض حواشي السلطان سعى به فسطا به جمال الدين وقتله فأحقد السلطان بذلك وأخذ عميد خراسان فقتله خنقا فدس لخادم من خدم جمال الدين بذلك وأنهم إذا تولوا قتله بأنفسهم كان أحفظ لنعمتهم فسقاه الخادم سما ومات وجاء السلطان الى نظام الملك وأغراه به وما زال بطانة السلطان يغضون منه ويحاولون السعاية فيه الى أن ولى حافده عثمان بن جمال الملك على مرو وبعث السلطان اليها كردن من أكابر المماليك والأمراء شحنة ووقعت بينه وبين عثمان منازعة في بعض الأيام فأهانه وحبسه ثم أطلقه وجاء الى السلطان شاكيا فاستشاط غضبا وبعث فخر الملك البارسلان الى نظام الملك وأغراه به وما زال يقول إن كنت تابعا فقف عند حدّك وان كنت شريكي في سلطاني فافعل ما بدا لك وقرّر عليه فعل حافده وسائر بنيه في ولايتهم وأرسل معه نكبرذ من خواصه ثقة على ما يؤدّيه من القول ويجيبه الآخر فانبسط لسان نظام الملك يعدّد الوسائل منه والمدافعة عن السلطان وجمع الكلمة وفتح الأمصار في كلام طويل حملته عليه الدالة وقال في آخره ان شاء فله مؤيد مرو آتي ومتى