للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسائر الإباضيّة والصفريّة ونواحي تاهرت قاعدة المغرب الأوسط إلى ما وراءها، ثم عاج إلى الريف فافتتح بلد لكور من ساحل المغرب الأوسط، ونازل صاحب جراوة من آل إدريس وهو الحسن بن أبي العيش وضيّق عليه ودوّخ أقطار المغرب، ورجع ولم يلق كيدا. ومرّ بمكان بلد المسيلة وبها بنو كملان من هوّارة، وكان يتوقع منهم الفتنة فنقلهم الى فجّ القيروان، وقضى الله أن يكونوا أولياء لصاحب الحمار عند خروجه. ولما نقلهم أمر ببناء المسيلة في بلدهم وسمّاها المحمّديّة، ودفع علي بن حمدون الأندلسي من صنائع دولتهم إلى بنائها، وعقد له عليها وعلى الزاب بعد اختطاطها فبناها وحصّنها وشحنها بالأقوات، فكانت مددا للمنصور في حصار صاحب الحمار كما يذكر. ثم انتقض موسى بن أبي العافية عامل فاس والمغرب، وخلع طاعة الشيعة، وانحرف الى الأمويّة من وراء البحر وبثّ دعوتهم في أقطار المغرب فنهض إليه أحمد بن بصلين المكناسيّ قائد المهدي وسار في العساكر فلقيه ميسور وهزمه، وأوقع به وبقومه بمكناسة، وأزعجه [١] عن الغرب إلى الصحاري وأطراف البلاد ودوّخ المغرب وثقف أطرافه ورجع ظافرا.

[(وفاة عبيد الله المهدي وولاية ابنه أبي القاسم)]

ثم توفي عبيد الله المهدي في ربيع سنة اثنتين وعشرين لأربع وعشرين سنة من خلافته، وولّى ابنه أبو القاسم محمد، ويقال نزار بعده، ولقّب القائم بأمر الله فعظم حزنه على أبيه حتى يقال إنه لم يركب سائر أيامه إلّا مرتين، وكثر عليه الثّوار.

وثار بجهات طرابلس ابن طالوت القرشيّ، وزعم أنه ابن المهدي وحاصر طرابلس.

ثم ظهر للبربر كذبه فقتلوه. ثم أغزى المغرب وملكه، وولّى على فاس أحمد بن بكر ابن أبي سهل الجذابي، وحاصر الأدارسة ملوك الريف وغوارة فنهض ميسور الخصيّ من القيروان في العساكر، ودخل المغرب وحاصر فاس، واستنزل عاملها أحمد بن بكر. ثم نهض في اتباع موسى فكانت بينهما حروب، وأخذ الثوري بن موسى في بعضها أسيرا وأجلاه ميسور عن المغرب، وظاهره عليه الأدارسة الذين


[١] بمعنى أخرجه وهي من التعابير التي يستعملها ابن خلدون

<<  <  ج: ص:  >  >>