للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخبر عن تلمسان وما تأدّى إلينا من أحوالها من الفتح إلى أنّ تأثل بها سلطان بني عبد الواد ودولتهم

هذه المدينة قاعدة المغرب الأوسط، وأم بلاد زناتة اختطّها بنو يفرن بما كانت في مواطنهم، ولم نقف على أخبارها فيما قبل ذلك. وما يزعم بعض العامّة من ساكنها أنها أزليّة البناء، وأنّ الجدار الّذي ذكر في القرآن في قصّة الخضر وموسى عليهما السلام هو بناحية أكادير منها، فأمر بعيد عن التحصيل لأنّ موسى عليه السلام لم يفارق المشرق إلى المغرب، وبنو إسرائيل لم يبلغ ملكهم لإفريقية، فضلا عمّا وراءها. وإنما هي من مقالات التشيّع المجبول عليه أهل العالم في تفضيل ما ينسب إليهم أو ينسبون إليه من بلد أو أرض أو أعلم أو صناعة. ولم أقف لها على خبر أقدم من خبر ابن الرقيق بأنّ أبا المهاجر الّذي وليّ إفريقية بين ولايتي عقبة بن نافع الأولى والثانية، توغّل في ديار المغرب ووصل إلى تلمسان، وبه سمّيت عيون أبي المهاجر قريبا منها. وذكرها الطبري عند ذكر أبي قرّة وإجلائه مع أبي حاتم والخوارج على عمر بن حفص. ثم قال: فأفرجوا عنه وانصرف أبو قرّة إلى مواطنه بنواحي تلمسان.

وذكرها ابن الرقيق أيضا في أخبار إبراهيم بن الأغلب قبل استبداده بإفريقية، وأنه توغّل في غزوة إلى المغرب ونزلها، واسمها في لغة زناتة مركّب من كلمتين: تلم سان [١] ومعناهما تجمع اثنين يعنون البرّ والبحر.

(ولما خلص) إدريس الأكبر بن عبد الله بن الحسن إلى المغرب الأقصى واستولى عليه، نهض إلى المغرب الأوسط سنة أربع وسبعين ومائة فتلقّاه محمد بن خزر بن صولات أمير زناتة وتلمسان، فدخل في طاعته وحمل عليها مغراوة وبني يفرن وأمكنه من تلمسان فملكها، واختطّ مسجدها [٢] وصعد منبره وأقام بها أشهرا وانكفأ راجعا إلى المغرب. وجاء على أثره من المشرق أخوه سليمان بن عبد الله فنزلها وولّاه أمرها. ثم هلك إدريس وضعف أمرهم. ولما بويع لابنه إدريس من بعده واجتمع إليه برابرة


[١] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخ اخرى: تلم سين وتلم سن وتتم سين وهذا كله تحريف.
[٢] ابرز ابن مرزوق اتفاق الرحالين. واجماع المتجولين على انهم لم يرو ثانيا لجامع تلمسان (المعجم التاريخي/ ٢٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>