للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطاعته، وكشف لأهلها القناع عن مكر ابن علّان بهم، وما أوقعهم فيه من ورطة ابن غانية، فحمدوا رأيه وشكروا جابرا على صنيعه، وجدّدوا البيعة للمأمون.

واجتمع إلى جابر في أمره هنا كافة بني عبد الواد وأحلافهم من بني راشد، وبعث إلى المأمون بطاعته واعتماله في القيام بدعوته فخاطبه بالشكر، وكتب له بالعهد على تلمسان وسائر بلاد زناتة على رسم السادات الذين كانوا يلون ذلك من القرابة، فاضطلع بأمر المغرب الأوسط.

(وكانت) هذه الولاية ركوبا إلى صهوة الملك الّذي اقتعدوه من بعد. ثم انتقض عليه أهل اربونة [١] بعد ذلك فنازلهم وهلك في حصارها بسهم غرب سنة تسع وعشرين وسبعمائة.

وقام بالأمر بعده ابنه الحسن وجدّد له المأمون عهده بالولاية، ثم ضعف عن الأمر وتخلى عنه لستة أشهر من ولايته. ودفع إليه عمّه عثمان بن يوسف، وكان سيّئ الملكة كثير العسف والجور فثارت به الرعايا بتلمسان وأخرجوه سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة وارتضوا لمكانه ابن عمه زكراز [٢] بن زيّان بن ثابت الملقّب بأبي عزة فاستدعوه لها، وولّوه على أنفسهم وبلدهم، وسلّموا له أمرهم وكان مضطلعا بأمر زناتة ومستبدا برياستهم ومستوليا على سائر الضواحي، فنفس بنو مطهر عليه وعلى قومه بني عليّ إخوانهم ما آتاهم الله من الملك، وأكرمهم الله به من السلطان وحسدوا زكراز وسلفه فيما صار لهم من الملك، فشاقوه ودعوا إلى الخروج عليه، واتبعهم بنو راشد أحلافهم منذ عهد الصحراء، وجمع لهم أبو عزة سائر قبائل بني عبد الواد، فكانت بينه وبينهم حرب سجال هلك في بعض أيامها سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة وقام بالأمر بعده أخوه يغمراسن بن زيّان، فوقع التسليم والرضى به وسائر القبائل، ودان له بالطاعة جميع الأمصار. وكتب له الخليفة الرشيد بالعهد على عمله وكان له ذلك سلّما الى الملك الّذي أورثه بنيه سائر الأيام. والملك للَّه يؤتيه من يشاء.


[١] وفي نسخة ثانية: ندرومه وهو الصحيح كما في قبائل المغرب/ ٤٢٦.
[٢] وفي نسخة ثانية: زكران.

<<  <  ج: ص:  >  >>