للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال قتله غيلة، وبعث برأسه ورءوس أصحابه إلى يغمراسن بن زيّان بن ثابت، فنصبت عليها القدور أثافي شفاية لنفوسهم من شأن أبيه زيّان.

وافترق بنو كمين، وفرّ بهم كبيرهم عبد الله بن كندوز، فلحقوا بتونس. ونزل على الأمير أبي زكريا كما نذكره بعد. واستبدّ جابر بن يوسف بن محمد برياسة بني عبد الواد. وأقام هذا الحيّ من بني عبد الواد بضواحي المغرب الأوسط، حتى إذا فشل ريح بني عبد المؤمن، وانتزى يحيى بن غانية على جهات قابس وطرابلس، وردّد الغزو والغارات على بسائط إفريقية والمغرب الأوسط فاكتسحها وعاث فيها. وكبس الأمصار فأقتحمها بالغارة وإفساد السابلة وانتساف الزرع، وحطّم النعم إلى أن خربت، وعفا رسمها لسني الثلاثين من المائة السابعة. وكانت تلمسان نزلا للحامية ومناخا للسيد من القرابة الّذي يضمّ نشرها، ويذبّ عن أنحائها وكان المأمون قد استعمل على تلمسان أخاه السيد أبا سعيد، وكان مغفّلا ضعيف التدبير. وغلب عليه الحسن بن حبون من مشيخة قومه كومية، وكان عاملا على الوطن. وكانت في نفسه ضغائن من بني عبد الواد جرّها ما كان حدث لهم من التغلّب على الضاحية وأهلها، فأغرى السيد أبا سعيد بجماعة مشيخة منهم وفدوا عليه فتقبّض عليهم واعتقلهم.

وكان في حامية تلمسان لمّة من بقايا لمتونة تجافت الدولة عنهم، وأثبتهم عبد المؤمن في الديوان وجعلهم مع الحامية. وكان زعيمهم لذلك العهد إبراهيم بن إسماعيل بن علّان، فشفع عندهم في المشيخة المعتقلين من بني عبد الواد فردّوه، فغضب وحمى أنفه وأجمع الانتقاض والقيام بدعوة ابن غانية، فجدّد ملك المرابطين من قومه بقاصية المشرق، فاغتال الحسن بن حبون لحينه، وتقبّض على السيد أبي سعيد وأطلق المشيخة من بني عبد الواد، ونقض طاعة المأمون وذلك سنة أربع وعشرين وسبعمائة فطيّر الخبر إلى ابن غانية فأجدّ إليه السير. ثم بدا له في أمر بني عبد الواد، ورأى أنّ ملاك أمره في خضد شكوتهم [١] وقصّ جناحهم، فحدث نفسه بالفتك بمشيختهم، ومكر بهم في دعوة وأعدهم لها، وفطن لتدبيره ذلك جابر بن يوسف شيخ بني عبد الواد، فواعده اللقاء والمؤازرة، وطوى له على النث [٢] ، وخرج إبراهيم بن علّان إلى لقائه ففتك به جابر. وبادر إلى البلد فنادى بدعوة المأمون


[١] خضد الشجر: قطع شوكه: (قاموس) .
[٢] النث: نثّا الخبر: أفشاه (قاموس) .

<<  <  ج: ص:  >  >>