للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المضيّع ولو كان مأمونا فضرره بالتّضييع أكثر من نفعه. فاعلم ذلك واتّخذه قانونا في الاستكفاء بالخدمة. والله سبحانه وتعالى قادر على كلّ شيء.

[الفصل الرابع في ابتغاء الأموال من الدفائن والكنوز ليس بمعاش طبيعي]

اعلم أنّ كثيرا من ضعفاء العقول في الأمصار يحرصون على استخراج الأموال من تحت الأرض ويبتغون الكسب من ذلك. ويعتقدون أنّ أموال الأمم السّالفة مختزنة كلّها تحت الأرض مختوم عليها كلّها بطلاسم سحريّة، لا يفضّ ختامها ذلك إلّا من عثر على علمه واستحضر ما يحلّه من البخور والدّعاء والقربان. فأهل الأمصار بإفريقيّة يرون أنّ الإفرنجة الّذين كانوا قبل الإسلام بها دفنوا أموالهم كذلك وأودعوها في الصّحف بالكتاب إلى أن يجدوا السّبيل إلى استخراجها. وأهل الأمصار بالمشرق يرون مثل ذلك في أمم القبط والرّوم والفرس. ويتناقلون في ذلك أحاديث تشبه حديث خرافة من انتهاء بعض الطّالبين لذلك إلى حفر موضع المال ممّن لم يعرف طلّسمه ولا خبره فيجدونه خاليا أو معمورا بالدّيدان. أو يشاهد الأموال والجواهر موضوعة والحرس دونها منتضين سيوفهم. أو تميد به الأرض حتّى يظنّه خسفا أو مثل ذلك من الهذر. ونجد كثيرا من طلبة البربر بالمغرب العاجزين عن المعاش الطّبيعيّ وأسبابه يتقرّبون إلى أهل الدّنيا بالأوراق المتخرّمة [١] الحواشي إمّا بخطوط عجميّة أو بما ترجم بزعمهم منها من خطوط أهل الدّفائن بإعطاء الأمارات عليها في أماكنها يبتغون بذلك الرّزق منهم بما يبعثونه على الحفر والطّلب ويموّهون عليهم بأنّهم إنّما حملهم على الاستعانة بهم طلب الجاه في مثل هذا من منال الحكّام والعقوبات. وربّما تكون عند


[١] وفي النسخة الباريسية: المخترمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>