ديار بكر وأمن أصحاب أبي ثعلب وأحسن إليهم ورجع إلى الموصل. وبلغ الخبر إلى أبي ثعلب منقلبة من دار الحرب فقصد الرحبة. وبعث إلى عضد الدولة يستعطفه فشرط عليه المسير إليه فامتنع. ثم استولى عضد الدولة على ديار مضر وكان عليها من قبل أبي ثعلب سلامة البرقعيدي من كبار أصحاب بني حمدان وكان أبو المعالي بن سيف الدولة بعث إليها جيشا من حلب فحاربوها وامتنعت عليهم، وبعث أبو المعالي إلى عضد الدولة وعرض بنفسه عليه فبعث عضد الدولة النقيب أبا احمد الموسوي إلى سلامة البرقعيدي، وتسلمها بعد حروب. وأخذ لنفسه منها الرقة، ورد باقيها على سعد الدولة فصارت له ثم استولى عضد الدولة على الرحبة، وتفرغ بعد ذلك لفتح قلاعه وحصونه. واستولى على جميع أعماله واستخلف أبا الوفاء على الموصل، ورجع إلى بغداد في ذي القعدة سنة ثمان وستين. ثم بعث عضد الدولة جيشا إلى الأكراد الهكارية من أعمال الموصل فحاصروهم حتى استقاموا وسلموا قلاعهم، ونزلوا إلى الموصل فحال الثلج بينهم وبين بلادهم فقتلهم قائد الجيش، وصلبهم على جانبي طريق الموصل.
[(مقتل أبي ثعلب بن حمدان)]
ولما أيس أبو ثعلب بن حمدان من إصلاح عضد الدولة، والرجوع إلى ملكه بالموصل سار إلى الشام، وكان على دمشق قسّام داعية العزيز العلويّ غلب عليها بعد أفتكين وقد تقدم ذلك، وكيف ولي أفتكين على دمشق. فخاف قسام من أبي ثعلب ومنعه من دخول البلد فأقام بظاهرها، وكاتب العزيز، وجاءه الخبر بأنه يستقدمه، فرحل إلى طبرية بعد مناوشة حرب بينه وبين قسام. وجاء الفضل قائد العزيز لحصار قسام بدمشق، ومر بأبي ثعلب ووعده عن العزيز بكل جميل. ثم حدثت الفتنة بين دغفل وقسام وأخرجهم، وانتصروا بأبي ثعلب فنزل بجوارهم مخافة دغفل والقائد الّذي يحاصر دمشق. ثم ثار أبو ثعلب في بني عقيل إلى الرملة في محرم سنة تسع وتسعين، فاستراب به الفضل ودغفل وجمعوا الحربة ففر بنو عقيل عنه، وبقي في سبعمائة من غلمانه وغلمان أبيه، وولى منهزما فلحقه الطلب فوقف يقاتل، فضرب وأسر وحمل إلى دغفل، وأراد الفضل حمله إلى العزيز فخاف دغفل أن يصطنعه كما فعل