للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأبي ثعلب لمودة بينهما فنكث وقصدها. ولما انتهى إلى تكريت أتته رسل أبي ثعلب بالصلح، وأن يسير إليه بنفسه وعساكره، ويعيده على ملك بغداد على أن يسلم إليه أخاه حمدان فسلمه إلى رسل أبي ثعلب فحبسه، وسار بختيار إلى الحديثة ولقي أبا ثعلب وسار معه إلى العراق في عشرين ألف مقاتل. وزحف نحوهما عضد الدولة، والتقوا بنواحي تكريت في شوال سنة ست وستين فهزمهما عضد الدولة، وقتل بختيار ونجا أبو ثعلب إلى الموصل فاتبعه عضد الدولة، وملك الموصل في ذي القعدة، وحمل معه الميرة والعلوفات للإقامة، وبث السرايا في طلب أبي ثعلب ومعه المرزبان ابن بختيار وأخواله أبو إسحاق وظاهر ابنا معز الدولة ووالدتهم. وسار لذلك أبو الوفاء ظاهر بن إسماعيل من أصحابه. وسار حاجبه أبو ظاهر طغان إلى جزيرة ابن عمر ولحق أبو ثعلب بنصيبين. ثم انتقل إلى ميافارقين فأقام بها، وبلغه مسير أبي الوفاء إليه ففارقها إلى تدليس [١] وجاء أبو الوفاء إلى ميافارقين فامتنعت عليه فتركها وطلب أبا ثعلب فخرج من أرزن الروم إلى الحسينية من أعمال الجزيرة، وصعد إلى قلعة كواشي وغيرها من قلاعه، ونقل منها ذخيرته، وعاد فعاد أبو الوفاء إلى ميافارقين وحاصرها.

واتصل بعضد الدولة مجيئه إلى القلاع، فسار إليه ولم يدركه، واستأمن إليه كثير من أصحابه. وعاد إلى الموصل وبعث قائده طغان إلى تدليس فهرب منها أبو ثعلب واتصل بملكهم المعروف بورد الرومي، وكان منازعا لملكهم الأعظم في الملك، فوصل ورد يده بيد أبي ثعلب، وصاهره ليستعين به واتبعه في مسيره عسكر عضد الدولة، وأدركوه فهزمهم وأثخن فيهم. ونجا فلّهم إلى حصن زياد ويسمى خرت برت. وأرسل إلى ورد يستمده فاعتذر بما هو فيه ووعده بالنصر. ثم انهزم ورد أمام ملك الروم فأيس أبو ثعلب من نصره، وعاد إلى بلاد الإسلام ونزل بآمد حتى جاء خبر ميافارقين. وكان أبو الوفاء لما رجع من طلب أبي ثعلب حاصر ميافارقين، والوالي عليها هزارمرد فضبط البلد ودافع أبا الوفاء ثلاثة أشهر. ثم مات وولى أبو ثعلب مكانه مؤنسا من موالي الحمدانية، ودس أبو الوفاء إلى بعض أعيان البلد فاستماله فبعث له في الناس رغبة. وشعر بذلك مؤنس فلم يطق مخالفتهم فانقاد واستأمن، وملك أبو الوفاء البلد وكان في أيام حصاره قد افتتح سائر حصونه فاستولى على سائر


[١] تدليس: مدينة بالمغرب الأقصى على البحر المحيط وهي غير مقصوده هنا والمقصود بدليس: بلدة من نواحي أرمينية قرب خلاط ذات بساتين كثيرة ... (معجم البلدان) لابن الأثير ج ٨ ص ٦٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>