(الخبر عن بني كميّ أحد بطون بني القاسم بن عبد الواد وكيف نزعوا إلى بني مرين وما صار لهم بنواحي مراكش وأرض السوس من الرئاسة)
قد تقدّم لنا أوّل الكلام في بني عبد الواد أنّ بني كمي هؤلاء من شعوب القاسم، وأنهم بنو كمي بن يمل بن يزكن بن القاسم إخوة طاع الله وبني دلول وبني معطي دلول. وبني معطي بن جوهر بن علي [١] . وذكرنا ما كان بين طاع الله وبين إخوانهم بني كمي من الفتنة، وكيف قتل كندوز بن عبد الله كبير بني كمي زيّان بن ثابت بن محمد كبير بني طاع الله، وأنّ جابر بن يوسف بن محمد القائم بالأمر من بعده ثار منهم بزيّان، وقتل كندوزا غيلة أو حربا، وبعث برأسه إلى يغمراسن بن زيّان فنصب عليها أهل. بيته القدور شفاية لنفوسهم. واستمرّ الغلب بعدها على بني كمي، فلحقوا بحضرة تونس وكبيرهم إذ ذاك عبد الله بن كندوز. ونزلوا على الأمير أبي زكريا حتى كان من استيلائه على تلمسان ما قدّمنا ذكره. وطمع عبد الله في الاستبداد بتلمسان، فلم يتفق ذلك. ولما هلك مولانا الأمير أبو زكريا، وولي ابنه المنتصر، أقام عبد الله صدرا من دولته. ثم ارتحل هو وقومه إلى المغرب ونزل على يعقوب بن عبد الحق قبل فتح مراكش، فاهتزّ يعقوب لقدومه وأحلّه بالمكان الرفيع من دولته. وأنزل قومه بجهات مراكش، وأقطعهم البلاد التي كفتهم مهماتهم.
وجعل السلطان انتجاع إبله وراحلته في أحيائهم. وقدّم على رعايتها حسّان بن أبي سعيد الصبيحي وأخاه موسى، وصلا في لفيفه من بلاد المشرق، وكانا عارفين برعاية الإبل والقيام عليها، وأقاموا يتقلّبون في تلك البلاد، ويتعدّون في نجعتها إلى أرض السوس. وأوفد يعقوب بن عبد الحق عبد الله بن كندوز هذا على المنتصر صاحب إفريقية سنة خمس وستين وستمائة مع عامر ابن أخيه إدريس كما قدّمناه. والتحم بنو كمي ببني مرين وأصبحوا إحدى بطونهم. وهلك عبد الله بن كندوز، وصارت رياستهم من بعده لابنه عمر بن عبد الله. فلمّا نهض يوسف بن يعقوب بن عبد الحق
[١] وفي نسخة أخرى: وبني دلوك وبني موطي بن جوهر بن علي.