فأجاب أكثر الفقهاء بجواز ذلك، وتوقّف بعضهم وجمعوا للمناظرة، فقال السمنجاني من كبار الشافعيّة: يجب قتالهم ولا يجوز إقرارهم بمكانهم ولا ينفعهم التلفّظ بالشهادتين، فإنّهم لا يرون مخالفة إمامهم إذا خالف أحكام الشرع، وبذلك تباح دماؤهم إجماعا، وطالت المناظرة في ذلك. ثم سألوا أن يأتيهم من العلماء من يناظرهم وعيّنوا أعيانا من أصفهان، وقصدوا بذلك المطاولة والتعلّل، فبعثهم السلطان إليهم فعادوا من غير شيء، فاشتدّ السلطان إليهم في حصارهم واستأمنوا على أن يعوّضوا عن قلعتهم بقلعة خالنجان على سبعة فراسخ من أصفهان، وأن يؤجّلوا في الرحيل شهرا فأجابهم، وأقاموا في تلك المدّة يجمعون ما يقدرون عليه من الأطعمة ووثبوا على بعض الأمراء وسلم منهم فجدّد السلطان حصارهم وطلبوا أن ينتقلوا إلى قلعة الناظر وطبس، ويبعث السلطان معهم من يوصلهم ويقيم الباقون بضرس من القلعة إلى أن يصل الأوّلون، ثم يبعث مع الآخرين من يوصلهم إلى ابن الصبّاح بقلعة الموت فأجابهم إلى ذلك، وخرج الأوّلون إلى الناظر وطبس، وخرّب السلطان القلعة، وتمسّك ابن غطاش بالضرس الّذي هو فيه، وعزم على الاعتصام به، وزحف إليه الناس عامّة وهرب بعضهم إلى السلطان، فدلّه على عورة المكان، فصعدوا إليه وقتلوا من وجدوا فيه، وكانوا ثمانين، وأخذا ابن غطاش أسيرا فسلخ وحشي جلده تبنا، وقتل ابنه وبعث برأسهما إلى بغداد، وألقت زوجه نفسها من الشاهق فهلكت.
[(خبر الإسماعيلية بالشام)]
لما قتل أبو إبراهيم الأستراباذيّ ببغداد كما تقدّم هرب بهرام ابن أخيه إلى الشام وأقام هنالك داعية متخفيا، واستجاب له من الشام خلق. وكان الناس يتبعونهم لكثرة ما اتصفوا به من القتل غدرا. وكان أبو الغازي بن أرتق بحلب يتوصل بهم إلى غرضه في أعدائه، وأشار أبو الغازي على ابن طغتكين الأتابك بدمشق بمثل ذلك فقبل رأيه، ونقل إليه فأظهر حينئذ شخصه، وأعلن بدعوته وأعانه الوزير أبو علي ظاهر بن سعد المزدغاني، لمصلحتهم فيه فاستفحل أمره، وكثر تابعوه، وخاف من عامّة دمشق فطلب من ابن طغتكين ووزيره أبي علي حصنا يأوي إليه، فأعطوه قلعة