وتعصّبهم على أمره. ولم يبق منهم إلّا أخلاط وأوشاب أمرهم إلى غيرهم من رجالات المصامدة لا يملكون عليهم منه شيئا.
(تين ملّل)
وكذا تين ملّل إخوتهم في التعصّب على دعوة المهدي والاشتمال عليه والقيام بأمره حتى تحيّز إليهم وبنى داره ومسجده بينهم، فكان يعطيهم من الفيء بقدر عظمهم من الابتلاء [١] ، وأبعدوا في ممالك الدولة وعمالاتها فانقرض رجالاتهم، وملك غيرهم من المصامدة أمرهم عليهم، وقبر الإمام بينهم بهذا العهد على حاله من التجلّة والتعظيم وقراءة القرآن عليه أحزابا بالغدوّ والعشيّ، وتعاهده بالزيارة وقيام الحجّاب دون الزائرين من الغرباء لتسهيل الإذن، واستشعار الأبّهة وتقديم الصدقات بين يدي زناتة على الرسم المعروف في احتفال الدولة، وهم مصمّمون مع كافة المصامدة أن الأمر سيعود وأن الدولة ستظهر على أهل المشرق والمغرب وتملأ الأرض كما وعدهم المهدي، لا يشكّون في ذلك ولا يستريبون فيه.
[(هنتاتة)]
وأما هنتاتة وهم تلو القبيلتين في الأمر، وكل من بعدهم فإنما جاءوا على أثرهم وتبعا لهم، لما كانوا عليه من الكثرة والبأس، ومكان شيخهم أبي حفص عمر بن يحيى من صحابة الإمام والاعتزاز على المصامدة. وكانت لهم بإفريقية دولة كما نذكرهم، فاتفقت الدولتان منهم عوالم في سبيل الاستظهار بهم، وبقي بموطنهم المعروف بهم من جبال درن، وهو الجبل المتاخم لمراكش على توسّط من الاستبداد والخضوع ولهم في قومهم مكان بامتناع معقلهم وإطلاله على مراكش. ولما تغلّب بنو مرين على المصامدة، وقطعوا عنهم أسباب الدعوة كان لرؤسائهم أولاد يونس انحياش إليهم بما
[١] وفي نسخة أخرى: فكان حظّهم من الغناء بمقدار حظهم من الاستيلاء.