كتائب وبوأهم المقاعد للحصار، وأقام هنالك واستولى السلطان على سائر الوطن من الأمصار والأعمال، وعقد عليها واستوسق له ملك المغرب الأوسط كما كان لسلفه.
والله تعالى أعلم.
(الخبر عن اضطراب المغرب الأوسط ورجوع أبي زيان الى تيطرا واجلاب العرب بأبي حمو على تلمسان الى أن غلبهم السلطان جميعا على الأمر واستوسق له الملك)
لما خلص أبو حمّو من وقعة الدوسن هو وأحياء بني عامر أشياعه، لحقوا بالصحراء وأبعدوا فيها عن قصورهم قبلة جبل راشد. وجمع الوزير ونزمار بن عريف بأحياء العرب كافة من زغبة والمعقل. وكان السلطان لما احتل بتلمسان طلب العرب منه إطلاق أيديهم على ما أقطعهم أبو حمّو إيّاه من الوطن على الزبون والاعتزاز عليه، فاستنكف من ذلك لعظم سلطانه واستبداد ملكه، فسخطوا أحوالهم ورجوا أن يكون لأبي حمّو ظهور ينالون به من ذلك ما أمّلوه. فلمّا انهزم وقلّت عساكره، وظهر السلطان ظهورا لا كفاء له فيئسوا، أجمع رحّو بن منصور أمير الخراج من عبيد الله إحدى بطون المعقل الخروج على السلطان، ولما خرج العرب إلى مشاتيهم لحق بأبي حمّو وأحياء بني عامر وكاثروهم وقادوهم إلى العيث في الأوطان. فأجلبوا على ممالك السلطان ونازلوا وجدة في رجب من سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة وصمدت نحوهم العساكر من تلمسان، فأجفلوا وعاجوا إلى البطحاء فاكتسحوا أوطانها.
ونهض إليهم الوزير في العساكر ففرّوا أمامه، واتبع آثارهم إلى أن أصحروا. واستنسر خلال ذلك حمزة بن علي بن راشد، فبيّت معسكر الوزير بمكانه من حصار شلف، ففضّ جموعه ولحق مفلولا بالبطحاء وبلغ الخبر إلى حصين وكانوا راهبين من السلطان، لما اشتهر عنهم من الأجلاب على الدول والقيام بأمر الخوارج، فجأجئوا بأبي زيان الثائر كان عندهم من مكانه بأحياء أولاد يحيى بن عليّ بن سبّاع من الزواودة، فلحق بهم وأجلبوا على ضواحي المدية ونازلوا عسكر السلطان بها.
واضطرم المغرب الأوسط نازلا، واتصل ذلك به مدة. ولمّا كان سنة ثلاث وسبعين