وسبعمائة استمال السلطان رحّو بن منصور عن أبي حمّو وبذل له مالا وأقطعه ما أحبّ من الضواحي، وفعل ذلك بسائرهم وملأ صدورهم ترغيبا. واعتزم على تجهيز العساكر معهم لحسم أدواء الفساد وإخراج الثوّار من النواحي. واتهم وزيره عمر بن مسعود بالمداهنة في أمر المغراوي، فسرّح من دولته من تقبّض عليه وأشخصه إلى حضرته مقيّدا. واعتقله بفاس وجهّز عساكره واعترض جنوده، وعقد لوزيره أبي بكر بن غازي على حرب الثوّار والخوارج، فنهض من تلمسان في رجب سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة واعتمد حمزة على ابن راشد في معتصمه بجبل بني بو سعيد، وألح عليه بالقتال فعضتهم الحرب بنابها، وداخلهم الرعب، وأوفدوا مشيختهم على الوزير بالطاعة. ونبذ العهد إلى حمزة فعقد لهم ما ابتغوه. ولحق حمزة بأبي زيان بمكانه من حصين. ثم أثنى عزمه عن ذلك ورجع إلى ضواحي شلف. وبيّته بعض الحامية فثبتوا في مراكزهم وانفضّ جمعه، وتقبّض عليه وسيق إلى الوزير فاعتقله وبعث إلى السلطان في شأنه، فأمر بقتله، فاحتزّ رأسه ورءوس أشياعه وبعث بهم الى السلطان وعلق أشلاءهم بسور مليانة. ثم زحف إلى حصين فأحجرهم بمعقلهم بتيطرا، واجتمعت إليه أحياء زغبة كافة. فأحاط بهم من كل جانب وطاولهم الحصار وعاودوهم الحرب، وخاطبني السلطان بمكاني من الزاب، وأوعز إليّ بنفير رياح كافّة إلى معسكر الوزير فاستنزلهم [١] بأحيائهم وناجعتهم، ونازلنا الجبل من ناحية الصحراء مما يلي ضواحي رياح، فأصابهم الجهد وداخلهم الرعب، وانفضّوا من المعقل وانذعروا في الجهات في المحرم فاتح أربع وسبعين وسبعمائة ولحق أبو زيّان بواركلي، واستولى الوزير على المعقل وانتهب ما فيه، واقتضى رهن حصين على الطاعة وقرّر عليهم الوضائع والمغارم، فأعطوها عن يد. وكان أبو حمّو في خلال ذلك قد أجلب على تلمسان ينتهز الفرصة في انتباذ العسكر عن السلطان. وكان وليّه خالد بن عامر أمير بني عامر من زغبة مريد الطاعة، لما اتهم أبو حمّو به من ولاية رديفه عبد الله بن عسكر بن معروف دونه، فأسخطه ذلك، وداخل السلطان عبد العزيز في الانحراف إليه عن أبي حمّو على مال حمله إليه، فنزع عنه. وجهّز له السلطان عسكر الحرب أبي حمّو في ذي القعدة من سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة من