للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلقاهم مبرّة، وتكريما وانقلبوا إلى أهلهم. واتصل به أنّ العدو أوعز إلى أساطيله باحتلال الزقاق والاعتراض دون الفراض فأوعز أمير المسلمين الى جميع سواحله من سبتة وطنجة والمنكب وجزيرة وطيف وبلاد الريف ورباط الفتح. واستدعى أساطيله فتوافت منها ستة وثلاثون أسطولا متكاملة في عدّتها وعديدها، فأحجمت أساطيل العدوّ عنها وارتدت على أعقابها. واحتلّ بالجزيرة غرّة رمضان. واستيقن الطاغية شانجة وأهل ملّته أنّ بلادهم قد فنيت وأرضهم خربت وتبيّنوا العجز عن المدافعة والحماية، فجنحوا إلى السلم وضرعوا إلى أمير المسلمين في كفّ عاديته عنهم على ما يذكر ووصل إلى السلطان بمكانه من منازلة شريش عمر بن أبي يحيى بن محلى نازعا إلى طاعته، فاتهمه لما سبق من تلاعبه وأمر أخاه طلحة فنكبه. واحتمل إلى طريف فاعتقل بها، وسار طلحة إلى المنكب فاستصفى أموال أخيه عمر وذخائره وسار إلى السلطان. وأقرّ ثانية أخاه موسى على عمله بالمنكب، وأمدّه بعسكر من الرجل. ثم أطلق عمر لليال من اعتقاله. وأجاز طلحة وعمر في ركاب السلطان.

ونزع منصور بن أبي مالك حافد السلطان إلى غرناطة، ثم لحق منها بالمنكب وأقام مع موسى بن أبي يحيى بن محلى، فأقرّه السلطان ورضي بمقامه والله تعالى أعلم.

[(الخبر عن وفادة الطاغية شانجة وانعقاد السلم ومهلك السلطان على تفيئة ذلك)]

لما نزل ببلاد النصرانية بلاد ابن أدفونش من أمير المسلمين ما نزل من تدمير قراهم واكتساح أموالهم وسبي نسائهم وإبادة مقاتلتهم وتخريب معاقلهم وانتساف عمرانهم، زاغت منهم الأبصار وبلغت القلوب الحناجر واستيقنوا أن لا عاصم من أمير المسلمين، فاجتمعوا إلى طاغيتهم شانجة، خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلّة، متوجعين مما أذاقهم جنود الله من سوء العذاب وأليم النكال. وحملوه على الضراعة لأمير المسلمين في السلم وإيفاد الملأ من كبار النصرانية عليه في ذلك. وإلّا فلا تزال تصيبهم منه قارعة، وتحل قريبا من دارهم فأجاب إلى ما دعوه إليه من الخسف والهضيمة لدينه. وأوفد على أمير المسلمين من بطارقتهم وشما مستهم وأساقفهم يخطبون السلم ويضرعون في المهادنة والإبقاء ووضع أوزار الحرب، فردّهم أمير المسلمين

<<  <  ج: ص:  >  >>