للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظاهرا عزيزا غانما. ولسادس ربيع الثاني وصل الأمير أبو زيّان منديل بن طريف بعسكر وافر من المسلمين فعقد له غداة وصوله وأمدّه بعسكر آخر وأغزاه قرمونة والوادي الكبير، فأغار على قرمونة. وطمعت حاميتها في المدافعة فبرزوا له وصدقهم القتال فانكشفوا حتى احجزوهم في البلد. ثم أحاطوا ببرج كان قريبا من البلد، فقاتلوه ساعة من نهار واقتحموه عنوة، ولم يزل يتقرّى المنازل والعمران حتى وقف بساحة إشبيلية، فأغار واقتحم برجا كان هنالك عينا على المسلمين، وأضرمه نارا.

وامتلأت أيدي عساكره، وقفل إلى معسكر أمير المسلمين.

ولثلاث عشرة من ربيع الثاني عقد للأمير أبي يعقوب لمنازلة جزيرة كيوثر [١] ، فصمد إليها وقاتلها واقتحمها عنوة. وفي ثاني جمادى عقد لطلحة بن يحيى بن محلى، وكان بعد مداخلته أخاه عمر في شأن مالقة سنة خمس وسبعين وستمائة خرج إلى الحجّ، فقضى فرضه ورجع، ومرّ في طريقه بتونس واتهمه الدعي ابن أبي عمارة كان بها يومئذ فاعتقله سنة اثنتين وثمانين، ثم سرّحه ولحق بقومه بالمغرب. ثم أجاز الأندلس غازيا في ركاب السلطان، فعقد له في هذه الغزاة على مائتين من الفرسان وسرّحه إلى إشبيلية ليكون رتبة [٢] للمعسكر وبعث معه لذلك عيونا من اليهود والمعاهدين من النصارى، يتعرّفون له أخبار الطاغية شانجة وأمير المسلمين أثناء ذلك يغادي شريش ويراوحها بالقتال والتخريب، ونسف الآثار، وبث السرايا كل يوم وليلة في بلاد العدو، فلا يخلو يوما عن تجهيز عسكر أو اغزاء جيش أو عقد راية أو بعث سرية، حتى انتسف العمران في جميع بلاد النصرانيّة، وخرّب بسائط إشبيلية وليلة [٣] وقرمونة واستجة وجبال الشرق وجميع بسائط الفرنتيرة. وأبلى في هذه الغزوات عيّاد العاصمي من شيوخ جشم، وخضر الغزي أمير الأكراد بلاء عظيما.

وكان لهم فيها ذكر. وكذلك غزاة سبتة وسائر المجاهدين والعرب من جشم وغيرهم.

فلما دمّرها تدميرا ونسفها تخريبا واكتسحها غارة ونهبا، وزحم فصل الشتاء وانقطعت الميرة عن العسكر، اعتزم على القفول وأفرج عن شريش لآخر رجب، ووافاه مدد غرناطة من عساكر الغزاة وقائدهم يعلى بن أبي عياد بن عبد الحق بوادي بردة،


[١] وفي نسخة ثانية: جزيرة كبوتر.
[٢] بمعنى قائدا وفي نسخة ثانية: ربيبة وليس لها أي معنى حسب مقتضى السياق.
[٣] وفي نسخة ثانية: لبلة كما في نفح الطيب ١/ ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>