للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آبائه، ولحق وفادته وصهره وأقام بمكان عمله منها يؤمّل الكرّ إلى أن كان من أمر ما نذكره والله أعلم.

[(الخبر عن بيعة العرب لابن أبي دبوس وواقعتهم مع السلطان أبي الحسن بالقيروان وما قارن ذلك كله من الأحداث)]

كان السلطان أبو الحسن لما استوسق له ملك إفريقية أسف العرب بمنعهم من الأمصار التي ملكوها بالاقطاعات، والضرب على أيديهم في الأتاوات، فوجموا لذلك، واستكانوا لغلبته، وتربّصوا الدوائر. وربّما كان بعض البادية يشنّ الغارات في الأطراف فيعتدّها السلطان على كبارهم. وأغاروا بعض الأيام في ضواحي تونس فاستاقوا الظهر الّذي كان في مرعاها، وأظلم الجوّ بينهم وبينه، وخشوا عاديته وتوقّعوا بأسه. ووفد عليه أيام الفطر من رجالاتهم خالد بن حمزة وأخوه أحمد من بني كعب وخليفة بن عبد الله من بني مسكين [١] ، وخليفة بن بو زيد من رجالات حكيم.

وساءت طنونهم في السلطان لسوء أفعالهم فداخلوا عبد الواحد بن اللحياني في الخروج على السلطان. وكان من خبر عبد الواحد هذا أنه بعد إجفاله من تونس سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة كما ذكرناه لحق بأبي تاشفين فأقام عنده في مبرّة وتكرمة. ولما أخذ السلطان أبو الحسن بمخنق تلمسان واشتدّ حصارها سأل عبد الواحد بن أبي تاشفين تخليته للخروج فودّعه وخرج إلى السلطان أبي الحسن فنزل عليه. ولم يزل في جملته إلى أن احتل بإفريقية. فلما أخشن ما بينه وبين الكعوب والتمسوا الأعياص من بني أبي حفص فيصطفونهم [٢] للأمر رجوا أن يظفروا من عبد المؤمن هذا بالبغية فداخلوه وارتاب لذلك، وخشي بادرة السلطان فرفع إليه الخبر، فتقبّض السلطان عليهم وأحضرهم معه فأنكروا وبهتوا.

ثم وبّخهم واعتقلهم، وعسكر بساحة الحضرة لغزوهم، وتلوم لبعث الأعطيات


[١] وفي نسخة أخرى: ابن مسكين.
[٢] وفي نسخة أخرى: ينصبونهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>