المعتضد في العساكر من ناحية الرصافة فقتلوه. فسار إليهم شبل مولى أحمد بن محمد الطائي فأوقع بهم. وجاء ببعض رؤسائهم أسيرا فأحضره المعتضد وقال له هل تزعمون أنّ روح الله وأنبيائه تحل في أجسادكم فتعصمكم من الزلل، وتوفّقكم لصالح العمل؟ فقال له: يا هذا أرأيت إن حلّت روح إبليس فما ينفعك؟ فاترك ما لا يعنيك إلى ما يعنيك. قال له: فقل فيما يعنيني! فقال له: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوكم العبّاس حيّ فلم يطلب الأمر ولا بايعه. ثم مات أبو بكر واستخلف عمر وهو يرى العبّاس ولم يعهد إليه عمر ولا جعله من أهل الشورى، وكانوا ستة وفيهم الأقرب والأبعد، وهذا إجماع منهم على دفع جدّك عنها. فبماذا تستحقون أنتم الخلافة؟ فأمر به المعتضد فعذب وخلعت عظامه، ثم قطع مرّتين ثم قتل. ولما أوقع شبل بالقرامطة بسواد الكوفة ساروا إلى الشام فانتهوا إلى دمشق وعليها طغج بن جفّ مولى أحمد بن طولون من قبل ابنه هارون، فخرج إليهم فقاتلهم مرارا، هزموه في كلها. هذه أخبار بدايتهم ونقبض العنان عنها إلى أن نذكر سياقتها عند ما نعدّد أخبارهم على شريطتنا في هذا الكتاب كما تقدّم.
[استيلاء ابن ماسان على خراسان من يد عمرو بن الليث وأسره ثم مقتله]
لما تغلب عمرو بن الليث الصفّار على خراسان من يد رافع بن الليث، وقتله وبعث برأسه إلى المعتضد، وطلب منه أن يولّيه ما وراء النهر مضافا إلى ولاية خراسان، كتب له بذلك فجهّز الجيوش لمحاربة إسماعيل بن أحمد صاحب ما وراء النهر، وجعل عليهم محمد بن بشير من أخصّ أصحابه. وبعث معه القوّاد فانتهوا إلى آمد من شطّ جيحون، وعبر إليهم إسماعيل فهزمهم وقتل محمد بن بشير في ستة آلاف، ولحق الفلّ بعمرو في نيسابور، فتجهّز وسار إلى بلخ، وكتب إليه إسماعيل يستعطفه ويقول: أنا في ثغر وأنت في دنيا عريضة فاتركني واستفد ألفتي فأبى. وصعب على أصحابه عبور النهر لشدّته فعبر إسماعيل وأخذ الطرق على بلخ وصار عمرو محصورا. واقتتلوا فانهزم عمرو وتسرّب من بعض المسالك عن أصحابه فوجد في أجمة وأخذ أسيرا، وبعث به إسماعيل إلى سمرقند ومن هناك إلى المعتضد سنة ثمان وثمانين، فحبسه إلى أن مات المعتضد سنة تسع بعدها فقتله ابنه المكتفي وعقد لإسماعيل على