الدولة وخطب له، وبعث إلى ابنه العزيز بواسط يستدعيه فسار إليه وأخرج عساكر أبي كاليجار وأقام معه إلى سنة خمس وعشرين والحكم لأبي القاسم. ثم أغراه الديلم به وأنه يتغلّب عليهم، فأخرجه العزيز وامتنع بالأبلّة وحاربهم أياما، وأخرج العزيز عن البصرة، ولحق بواسط وعاد أبو القاسم إلى طاعة أبي كاليجار.
[وفاة القادر ونصب القائم]
ثم توفي القادر باللَّه سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة لإحدى وعشرين سنة وأربعة أشهر من خلافته، وكانت الخلافة قبلها قد ذهب رونقها بجسارة الديلم والأتراك عليها، فأعاد إليها أبهتها وجدّد ناموسها، وكان له في قلوب الناس هيبة. ولما توفي نصّب للخلافة ابنه أبو جعفر عبد الله، وقد كان أبوه بايع له بالعهد في السنة قبلها لمرض طرقه وأرجف الناس بموته، فبويع الآن واستقرّت له الخلافة ولقّب القائم بأمر الله.
وأوّل من بايعه الشريف المرتضى. وبعث القاضي أبا الحسن الماوردي إلى أبي كاليجار ليأخذ عليه البيعة ويخطب له في بلاده. فأجاب وبعث بالهدايا. ووقعت لأوّل بيعته فتنة بين أهل السنّة والشيعة، وعظم الهرج والنهب والقتل وخربت فيها أسواق وقتل كثير من جباة المكوس. وأصيب أهل الكرخ وتطرّق الدعّار إلى كبس المنازل ليلا، وتنادى الجند بكراهية جلال الدولة وقطع خطبته. ولم يجبهم القائم إلى ذلك وفرّق جلال الدولة فيهم الأموال فسكنوا، وقعد في بيته وأخرج دوابه من الإصطبل وأطلقها بغير سائس ولا حافظ لقلّة العلف. وطلب الأتراك منه أن يحملهم في كل وقت فأطلقها، وكانت خمسة عشر وفقد الجاري فطرد الطواشي والحواشي والأتباع وأغلق باب داره والفتنة تتزايد إلى آخر السنة.
[وثوب الجند بجلال الدولة وخروجه من بغداد]
ثم جاء الأتراك سنة ست وعشرين إلى جلال الدولة فنهبوا داره وكتبه ودواوينه، وطلبوا الوزير أبا إسحاق السهيليّ فهرب إلى حلّة غريب بن مكين، وخرج جلال الدولة إلى عكبرا وخطبوا ببغداد لأبي كاليجار وهو بالأهواز واستقدموه فأشار عليه بعض أصحابه بالامتناع فاعتذر إليهم فأعادوا لجلال الدولة. وساروا إليه معتذرين وأعادوه بعد ثلاثة وأربعين يوما واستوزر أبا القاسم بن ماكولا، ثم عزله واستوزر