للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حوادث مكة]

قد كان تقدّم لنا أنّ عنان بن مقامس ولاه السلطان على مكة بعد مقتل محمد بن أحمد بن عجلان في موسم سنة ثمان وثمانين وأن كنيش بن عجلان أقام على خلافه وحاصره بمكة فقتل في حومة الحرب سنة تسع بعدها وساء أثر عنان وعجز عن مغالبة الأشراف من بني عمه وسواهم وامتدّت أيديهم إلى أموال المجاورين وصادروهم عليها ونهبوا الزرع الواصل في الشواني من مصر إلى جدّة للسلطان والأمراء والتجار ونهبوا تجار اليمن وساءت أحوال مكة بهم وبتابعهم وطلب الناس من السلطان إعادة بني عجلان لإمارة مكة ووفد على السلطان بمصر سنة تسع وثمانين صبيّ من بني عجلان اسمه علي فولاه على إمارة مكة وبعثه مع أمير الحاج وأوصاه بالإصلاح بين الشرفاء ولما وصل الأمير إلى مكة يومئذ قرقماش خشي الإشراف منه واضطرب عنان وركب للقائه ثم توجس الخيفة وكرّ راجعا وأتبع الأشراف واجتمعوا على منابذة علي بن عجلان وشيعته من القواد والعبيد ووفد عنان بن مقامس على السلطان سنة تسعين فقبض عليه وحبسه ولم يزل محبوسا إلى أن خرج مع بطا عند ثورته بالقلعة في صفر سنة ثنتين وتسعين وبعثه مع أخيه إيبقا يستكشف خبر السلطان كما مرّ وانتظم أمر السلطان بسعاية بطا في العود إلى إمارته رعيا لما كان بينهما من العشرة في البحر وأسعفه السلطان بذلك وولاه شريكا لعلي بن عجلان في الإمارة فأقاما كذلك سنتين وأمرهما مضطرب والأشرف مصوصبون على عنان وهو عاجز عن الضرب على أيديهم وعلي بن عجلان مع القواد والعبيد كذلك وأهل مكة على وجل من أمرهم في ضنك من اختلاف الأيدي عليهم ثم استقدمهم السلطان سنة أربع وتسعين فقدموا أوّل شعبان من السنة فأكرمهما ورفع مجلسهما ورفع مجلس علي على سائرهم ولما انقضى الفطر ولي علي بن عجلان مستقلا واستبلغ في الإحسان إليه بأصناف الأقمشة والخيول والممالك والحبوب وأذن له في الجراية والعلوفة فوق الكفاية ثم ظهر عليه بعد شهر وقد أعدّ الرواحل ليلحق بمكة هاربا فقبض عليه وحبسه بالقلعة وسار علي بن عجلان إلى مكة وقبض على الأشراف لتستقيم إمارته ثم خودع عنهم فأطلقهم فنفروا عنه ولم يعاودوا طاعته فاضطرب أمره وفسد رأيه وهو مقيم على ذلك لهذا العهد والله غالب على أمره أنه على كل شيء قدير

.

<<  <  ج: ص:  >  >>