للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معاوية فغسلته ودفنته. وانتهى قتل مصعب إلى المهلّب وهو يحارب الأزارقة فبايع الناس لعبد الملك بن مروان ولما جاء خبر مصعب لعبد الله بن الزبير خطب الناس فقال: الحمد للَّه الّذي له الخلق والأمر يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعزّ من يشاء، ويذلّ من يشاء، ألا وإنه لم يذلّ الله من كان الحق معه وإن كان الناس عليه طرّا. وقد أتانا من العراق خبر أحزننا وأفرحنا أتانا قتل مصعب فالذي أفرحنا منه أنّ قتله شهادة وأمّا الّذي أحزننا فإن لفراق الحميم لوعة يجدها حميمه عند المصيبة ثم عبد من عبيد الله وعون من أعواني ألا وإنّ أهل العراق، أهل الغدر والنفاق سلّموه وباعوه بأقل الثمن فإن [١] فو الله ما نموت على مضاجعنا كما يموت بنو أبي العاص والله ما قتل رجل منهم في الجاهلية ولا في الإسلام ولا نموت إلّا طعنا بالرماح وتحت ظلال السيوف. ألا إنما الدنيا عارية من الملك الأعلى الّذي لا يزول سلطانه ولا يبيد ملكه، فإن تقبل لا آخذها أخذ البطور، وإن تدبر لم أبك عليها بكاء الضرع المهين. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. (ولما بلغ الخبر) إلى البصرة تنازع ولايتها حمدان بن أبان وعبد الله بن أبي بكرة واستعان حمدان بعبد الله ابن الأهتم عليها، وكانت له منزلة عند بني أمية، فلما تمهّد الأمر بالعراق لعبد الملك بعد مصعب ولّى على البصرة خالد بن عبد الله بن أسيد، فاستخلف عليها عبيد الله ابن أبي بكرة، فقدم على حمدان وعزله حتى جاء خالد، ثم عزل خالدا سنة ثلاث وسبعين وولّى مكانه على البصرة أخاه بشرا وجمع له المصرين وسار بشر إلى البصرة واستخلف على الكوفة عمر بن حريث وولّى عبد الملك على الجزيرة وأرمينية بعد قتل مصعب أخاه محمد بن مروان سنة ثلاث وستين، فغزا الروم ومزّقهم بعد أن كان هادن ملك الروم أيام الفتنة على ألف دينار يدفعها إليه في كل يوم.

[أمر زفر بن الحرث بقرقيسياء]

قد ذكرنا في وقعة راهط مسير بن زفر إلى قرقيسيا واجتماع قيس عليه وأقام بها يدعو لابن الزبير ولما ولي عبد الملك كتب إلى أبان بن عقبة بن أبي معيط، وهو على


[١] بياض بالأصل وفي كتاب الكامل لابن الأثير ج ٤ ص ٣٣٥: «فإن يقتل فمه! والله ما نموت على مضاجعنا ... » .

<<  <  ج: ص:  >  >>