أنى رغبت بنفسي عنك. قال: فاذهب إلى عمك بمكّة فأخبره بصنيع أهل العراق ودعني، فإنّي مقتول. فقال: لا أخبر قريشا عنك أبدا، ولكن الحق أنت بالبصرة فإنّهم على الطاعة أو بأمير المؤمنين بمكّة فقال: لا يتحدّث قريش أني فررت. ثم قال لعيسى: تقدّم يا بني أحتسبك فتقدّم في ناس فقتل وقتلوا. وألح عبد الملك في قبول أمانه فأبى ودخل سرادقه فتحفظ ورمى السرادق وخرج فقاتل ودعاه عبيد الله بن زياد بن ضبيان فشتمه وحمل عليه وضربه فجرحه. وخذل أهل العراق مصعبا حتى بقي في سبعة أنفس، وأثخنته الجراحة فرجع إليه عبيد الله بن زياد ابن ضبيان فقتله وجاء برأسه إلى عبد الملك فأمر له بألف دينار فلم يأخذها. وقال:
إنما قتلته بثأر أخي. وكان قطع الطريق فقتله صاحب شرطته وقيل: إنّ الّذي قتله زائدة بن قدامة الثقفي من أصحاب المختار وأخذ عبيد الله رأسه وأمر عبد الملك به وبابنه عيسى فدفنا بدار الجاثليق عند نهر رحبيل وكان ذلك سنة إحدى وسبعين. ثم دعا عبد الملك جند العراق إلى البيعة فبايعوه وسار إلى الكوفة فأقام بالنخيلة أربعين يوما وخطب الناس فوعد المحسن، وطلب يحيى بن سعيد من جعفة وكانوا أخواله فأحضروه فأمّنه وولّى أخاه بشر بن مروان على الكوفة ومحمد بن نمير على همدان ويزيد بن ورقاء بن رويم على الري ولم يف لهم بأصبهان كما شرطوا عليه، وكان عبد الله بن يزيد بن أسد والد خالد القسري، ويحيى بن معتوق الهمدانيّ قد لجئا إلى علي بن عبد الله بن عبّاس ولجأ هذيل بن زفر بن الحرث وعمر بن يزيد الحكمي إلى خالد بن يزيد فأمنهم عبد الملك وصنع عمر بن حريث لعبد الملك طعاما فأخبره بالخورنق وأذن للناس عامة فدخلوا، وجاء عمر بن حريث فأجلسه معه على سريره وطعم الناس. ثم طاف مع عمر بن حريث على القصر يسأله عن مساكنه ومعالمه ولما بلغ عبد الله بن حازم مسير مصعب لقتال عبد الملك قال: أمعه عمر بن معمر؟
قيل: هو على فارس. قال: فالمهلب قيل: في قتال الخوارج، قال: فعبّاد بن الحسين؟ قيل على البصرة. قال: وأنا بخراسان!
خذيني فجرّيني جهارا وأنشدي ... بلحم امرئ لم يشهد اليوم ناصره
ثم بعث عبد الملك برأس مصعب إلى الكوفة، ثم إلى الشام فنصب بدمشق وأرادوا التطاوف [١] به فمنعت من ذلك زوجة عبد الملك عاتكة بنت يزيد بن